وقال الحسن : الفلك طاحونة كهيئة فلكة المغزل ، يريد أن الذي يجري فيه النجوم مستدير كاستدارة الطاحونة (١). [قال الضحاك : فلكها مجراها وسرعة سيرها. قال مجاهد : كهيئة حديد الرحى](٢). وقال بعضهم : الفلك السماء الذي فيه ذلك الكوكب ، فكل كوكب يجري في السماء الذي قدر فيه ، وهو معنى قول قتادة.
وقال الكلبي : الفلك استدارة السماء.
وقال آخرون : الفلك موج مكفوف دون السماء تجري فيه الشمس والقمر والنجوم.
(وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٣٥) وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (٣٦) خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩))
قوله عزوجل : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ) ، دوام البقاء في الدنيا ، (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) ، أي أفهم الخالدون إن مت ، قيل : نزلت هذه الآية حين قال [مشركو مكة](٣) نتربص بمحمد ريب المنون.
(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ) ، نختبركم (بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ) ، بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر ، وقيل : بما تحبون وما تكرهون ، (فِتْنَةً) ، ابتلاء لننظر كيف شكركم (٤) فيما تحبون ، وصبركم فيما تكرهون ، (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ).
(وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ) ، ما يتخذونك ، (إِلَّا هُزُواً) ، سخريا ، قال السدي : نزلت في أبي جهل مرّ به النبي صلىاللهعليهوسلم فضحك ، وقال : هذا نبيّ بني عبد مناف ، (أَهذَا الَّذِي) ، أي يقول بعضهم لبعض أهذا الذي ، (يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) ، أي يعيبها ، يقال : فلان يذكر فلانا أي يعيبه ، وفلان يذكر الله أي يعظّمه ويبجّله ، (وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ) ، وذلك أنهم كانوا يقولون لا نعرف الرحمن إلا مسيلمة [الكذاب](٥) ، و «هم» الثانية صلة.
(خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) ، اختلفوا فيه ، فقال قوم : معناه أن بنيته وخلقته من العجلة وعليها طبع ، كما قال الله تعالى : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) [الإسراء : ١١] قال سعيد بن جبير والسدي : لما دخلت الروح في رأس آدم وعينيه نظر إلى ثمار الجنة ، فلما دخلت في جوفه اشتهى الطعام ، فوثب قائما قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلان إلى ثمار الجنة ، فوقع ، فقيل : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) ، والمراد بالإنسان آدم ، وأورث أولاده العجلة ، والعرب تقول للذي يكثر من (٦) الشيء : خلقت منه ، كما يقول : خلقت من لعب (٧)
__________________
(١) في المطبوع «الطاحون».
(٢) زيد في المطبوع.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «شكرتم».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المطبوع «منه».
(٧) في المطبوع «تعب».