قوله تعالى : (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) ، قال قتادة : بئس ما استبدلوا طاعة إبليس وذريته بعبادة ربهم.
(ما أَشْهَدْتُهُمْ) ، ما أحضرتهم ، وقرأ أبو جعفر ما أشهدناهم بالنون والألف على التعظيم ، أي أحضرناهم يعني إبليس وذريته. وقيل : الكفار. وقال الكلبي : يعني الملائكة ، (خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) ، يقول : ما أشهدتم خلقا فأستعين بهم على خلقها وأشاورهم فيها ، (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) ، أي الشياطين الذين يضلون الناس عضدا أي : أنصارا وأعوانا.
(وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣) وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (٥٤) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (٥٥) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (٥٦))
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَقُولُ) قرأ حمزة بالنون والآخرون بالياء أي : يقول الله لهم يوم القيامة ، (نادُوا شُرَكائِيَ) ، يعني الأوثان (الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) ، أنهم شركائي ، (فَدَعَوْهُمْ) ، فاستغاثوا بهم ، (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) ، أي : لم يجيبوهم ولم ينصروهم ، (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ) ، يعني بين الأوثان وعبدتها وقيل بين أهل الهدى وأهل الضلالة ، (مَوْبِقاً) مهلكا قاله عطاء والضحاك. وقال ابن عباس : هو واد في النار. وقال مجاهد : واد في جهنم. وقال عكرمة : هو نهر في النار يسيل نارا على حافتيه (١) حيات مثل البغال الدهم قال ابن الأعرابي : كل حاجز بين شيئين فهو موبق ، وأصله الهلاك يقال : أوبقه [فهو وابق](٢) أي أهلكه ، قال الفراء : وجعلنا تواصلهم في الدنيا مهلكا لهم في الآخرة ، والبين على هذا القول التواصل كقوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] على قراءة من قرأ بالرفع.
(وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ) ، أي المشركون ، (فَظَنُّوا) ، أيقنوا ، (أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) ، داخلوها وواقعون فيها ، (وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) ، معدلا لأنها أحاطت بهم من كل جانب.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا) ، بيّنا ، (فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) ، أي ليتذكروا ويتعظوا ، (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) ، خصومة في الباطل. قال ابن عباس : أراد النضر بن الحارث وجداله في القرآن. قال الكلبي : أراد به أبيّ بن خلف الجمحي. وقيل : المراد من الآية الكفار ، لقوله تعالى : (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ) [الكهف : ٥٦] ، وقيل : هي على العموم ، وهذا أصح.
[١٣٦٣] أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف أنبأنا
__________________
ـ وأخرجه مسلم ٢٨١٣ وأبو يعلى ١٩٠٩ من طريقين عن جرير عن الأعمش به.
ـ وأخرجه أحمد ٣ / ٣٥٤ من طريق صفوان عن ماعز التيمي عن جابر بنحوه.
ـ وفي الباب من حديث أبي موسى عند الحاكم ٤ / ٣٥٠ وابن حبان ٦١٨٩ وإسناده صحيح ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي.
[١٣٦٣] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
(١) في المطبوع «حافته».
(٢) زيادة عن المخطوط.