قوله تعالى : (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا) ، أجابوا ، (لِرَبِّهِمُ) ، فأطاعوه ، (الْحُسْنى) الجنة ، (وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ) ، أي : لبذلوا ذلك يوم القيامة افتداء من النار ، (أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ). قال إبراهيم النخعي : سوء الحساب أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له من شيء ، (وَمَأْواهُمْ) في الآخرة (جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) ، الفراش ، أي : بئس ما مهد لهم.
قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُ) ، فيؤمن به ويعمل بما فيه ، (كَمَنْ هُوَ أَعْمى) ، عنه لا يعلمه ولا يعمل به.
قيل : نزلت في حمزة وأبي جهل. وقيل : في عمار وأبي جهل ، فالأول حمزة أو عمار والثاني أبو جهل ، وهو الأعمى ، أي : لا يستوي من يبصر الحق ويتبعه ومن لا يبصره ولا يتبعه. (إِنَّما يَتَذَكَّرُ) يتعظ ، (أُولُوا الْأَلْبابِ). ذوو العقول.
(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) ، بما أمرهم الله تعالى به وفرضه عليهم فلا يخالفونه ، (وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) ، قيل : أراد العهد الذي أخذه (١) على ذرية آدم عليهالسلام حين أخرجهم من صلبه.
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) ، قيل : أراد به الإيمان بجميع الكتب والرسل ولا يفرقون بينهما ، والأكثرون على أنه أراد به صلة الرحم.
[١١٩٣] أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ثنا حميد بن زنجويه ثنا ابن أبي شيبة ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة أن عبد الرحمن بن عوف عاد أبا الردّاد (٢) فقال يعني عبد الرحمن : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم [يقول](٣) فيما يحكي عن ربه عزوجل : «أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتّته».
__________________
[١١٩٣] ـ صحيح بطرقه. فيه إرسال ، ورجال الإسناد ثقات ، لكن له طرق.
ـ حميد ثقة ثبت ، وقد توبع هو ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم. ابن أبي شيبة هو عبد الله بن محمد ، الزهري هو محمد بن مسلم.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٣٢٦ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أبو داود ١٦٩٤ والترمذي ١٩٠٧ وأحمد ١ / ١٩٤ وابن أبي شيبة ٨ / ٥٣٥ ـ ٥٣٦ والحاكم ٤ / ١٥٨ من طرق عن ابن عيينة به وقال الترمذي : حديث سفيان عن الزهري حديث صحيح.
ـ وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» ١٠٢٣٤ عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ردّاد الليثي عن عبد الرحمن به.
ـ ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو داود ١٦٩٥ وأحمد ١ / ١٩٤ والحاكم ٤ / ١٥٧ وإسناده حسن في المتابعات لأجل رداد ، فإنه مقبول.
ـ وأخرجه ابن حبان ٤٤٣ من طريق معمر بالإسناد السابق.
ـ وأخرجه أحمد ١ / ١٩٤ ح ١٦٩٠ والحاكم ٤ / ١٥٧ من طريق يزيد بن هارون عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ أن أباه حدثه أنه دخل على عبد الرحمن بن عوف ، وهو مريض ... فذكره.
ورجال الإسناد رجال مسلم سوى قارظ ، وهو حسن الحديث. وللحديث شواهد وطرق ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا.
(١) في المخطوط «أخذ».
(٢) في المطبوع «الدرداء» والمثبت عن كتب التراجم ، و «شرح السنة».
(٣) زيادة عن المخطوط.