صخرة من السماء فدقته فهي التي أنستكها ، قال : صدقتم ، قال : فما تأويلها؟ قالوا : تأويلها أنك رأيت (١) ملك الملوك ، فبعضهم كان ألين ملكا وبعضهم كان أحسن ملكا وبعضهم كان أشبه ملكا ، الفخّار أضعفه ، ثم فوقه النحاس أشد منه ، ثم فوق النحاس الفضة أحسن من ذلك وأفضل ، والذهب أحسن من الفضة وأفضل ، ثم الحديد ملكك فهو أشد وأعز مما كان قبله ، والصخرة التي رأيت أرسل الله من السماء فدقته [هو](٢) نبي يبعثه الله من السماء فيدق الملوك (٣) أجمع ويصير الأمر إليه ، ثم إن أهل بابل قالوا لبختنصر : أرأيت هؤلاء الغلمان من بني إسرائيل الذين كنا سألناك أن تعطيناهم ففعلت ، فإنا قد أنكرنا نساءنا منذ كانوا معنا ، لقد رأينا نساءنا انصرفت عنا وجوههن إليهم فأخرجهم من بين أظهرنا أو اقتلهم ، قال : شأنكم بهم ، فمن أحب منكم أن يقتل من كان في يده فليفعل ذلك ، فلما قرّبوهم للقتل بكوا إلى الله تعالى وقالوا : يا رب أصابنا البلاء بذنوب غيرنا فوعد الله أن يجيبهم ، فقتلوا إلا من استبقى بختنصر منهم دانيال وحنانيا وعزازيا وميشائيل ، ثم لما أراد الله هلاك بختنصر انبعث وتيقظ فقال لمن في يده من بني إسرائيل أرأيتم هذا البيت الذي خربته والناس الذين [قتلت من هم](٤)؟ وما هذا البيت؟ قالوا : هذا بيت الله وهؤلاء أهله كانوا من ذراري الأنبياء فظلموا وتعدوا فسلطت عليهم بذنوبهم ، وكان ربهم رب السموات والأرض ورب الخلق كلهم يكرمهم ويعزهم ، فلما فعلوا ما فعلوا أهلكهم الله وسلط عليهم غيرهم ، فاستكبر وظن أنه بجبروته فعل ذلك ببني إسرائيل ، قال : فأخبروني كيف لي أن أطلع إلى السماء العليا فاقتل من فيها وأتخذها ملكا لي فإني قد فرغت من [ملوك](٥) الأرض ، قالوا : ما يقدر عليها أحد من الخلائق ، قال : لتفعلنّ أو لأقتلنّكم عن آخركم ، فبكوا وتضرعوا إلى الله تعالى فبعث الله عليه بقدرته بعوضة فدخلت منخره حتى عضت بأم دماغه ، فما كان يقر ولا يسكن حتى يوجأ له رأسه على أم دماغه ، فلما مات شقوا رأسه فوجدوا البعوضة عاضة على أم دماغه ليري الله العباد قدرته وينجي الله من بقي من بني إسرائيل في يديه ، فردوهم إلى الشام فبنوا فيه وكثروا حتى كانوا على أحسن ما كانوا عليه. ويزعمون أن الله تعالى أحيا أولئك الذين قتلوا فلحقوا بهم ، ثم إنهم لما دخلوا الشام دخلوها وليس معهم عهد من الله تعالى وكانت التوراة قد أحرقت ، وكان عزيز من السبايا الذين كانوا ببابل فرجع إلى الشام يبكي عليها ليلا ونهارا وقد خرج من الناس [واعتزلهم فبينما](٦) هو كذلك إذ أقبل إليه رجل فقال : يا عزيز ما يبكيك؟ قال : أبكي على كتاب الله وعهده الذي كان بين أظهرنا الذي لا يصلح أمر دنيانا وآخرتنا غيره ، قال : أفتحب أن يرده إليك؟ قال : ارجع فصم وتطهر وطهر ثيابك ثم موعدك هذا المكان غدا ، فرجع عزير فصام وتطهر وطهر ثيابه ثم عمد إلى المكان الذي وعده فجلس فيه فأتاه ذلك الرجل بإناء فيه ماء ، وكان ملكا بعثه الله إليه فسقاه من ذلك الإناء ، فمثلت التوراة في صدره فرجع إلى بني إسرائيل فوضع لهم التوراة فأحبوه حتى لم يحبوا حبه شيئا قط ، ثم قبضه الله وجعلت بنو إسرائيل بعد ذلك يحدثون الأحداث ويعود الله عليهم ويبعث فيهم الرسل ، ففريقا يكذبون وفريقا يقتلون حتى كان آخر
__________________
(١) في المخطوط «أورثت».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المخطوط و ـ ط «ذلك».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.