نحره إلى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه ، فغسله من ماء زمزم بيده.
وساق حديث المعراج بقصته. فقال : وإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطّردان ، قال : هذا النيل والفرات [يطردان](١) عنصرهما واحد ثم مضى به إلى السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب بيده فإذا هو مسك أذفر ، فقال : «ما هذا يا جبريل»؟ قال : هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك. وساق الحديث ، وقال : «ثم عرج بي إلى السماء السابعة».
وقال : قال موسى : ربّ لم أظن أن ترفع علي أحدا ، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه فيما أوحى إليه خمسين صلاة كل يوم وليلة ، وقال : فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم احتبسه موسى عند الخمس.
فقال : يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من ذلك فضعفوا عنه وتركوه ، فأمتك أضعف قلوبا وأجسادا وأبدانا وأبصارا وأسماعا ، فارجع فليخفف عنك ربك ، وكل ذلك يلتفت النبي صلىاللهعليهوسلم إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل فرفعه عند الخامسة ، فقال : «يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم فخفف عنهم» ، فقال الجبار [جل جلاله](٢) : يا محمد ، قال : لبيك وسعديك ، قال : إنه لا يبدل القول لديّ كما فرضت عليك في أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك ، فقال موسى : ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضا.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد والله استحييت من ربي مما اختلفت إليه» ، قال : فاهبطبسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام.
وروى مسلم هذا الحديث مختصرا عن هارون بن سعيد الإيلي عن ابن وهب عن سليمان بن بلال.
قال شيخنا الإمام رضي الله عنه : قد قال بعض أهل الحديث ما وجدنا لمحمد بن إسماعيل ولمسلم في كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا إلا هذا ، وأحال الأمر فيه (٣) إلى شريك بن عبد الله ، وذلك أنه ذكر فيه أن ذلك قبل أن يوحى إليه ، واتفق أهل العلم على أن المعراج كان بعد الوحي بنحو من اثنتي عشرة سنة قبل الهجرة بسنة ، وفيه أيضا : أن الجبار دنا فتدلى. وذكرت عائشة أن الذي دنا فتدلى جبريل عليهالسلام.
قال شيخنا الإمام رضي الله عنه : وهذا الاعتراض عندي لا يصح لأن هذا كان رؤيا في النوم أراه الله عزوجل قبل الوحي بدليل آخر الحديث ، قال : فاستيقظ وهو في المسجد الحرام ، ثم عرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة بسنة تحقيقا لرؤياه من قبل كما أنه رأى فتح مكة في المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ، ثم كان تحقيقه سنة ثمان ونزل قوله عزوجل : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ) [الفتح : ٢٧].
[١٢٨٥] وروي أنه لما رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة أسري به وكان بذي طوى قال : «يا جبريل إن قومي لا يصدقوني» ، قال : يصدقك أبو بكر وهو الصديق.
__________________
[١٢٨٥] ـ ضعيف. أخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٣ / ١٢٧ عن يزيد بن هارون عن أبي معشر قال : أخبرنا أبو وهب مولى أبي
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المخطوط «أحاله الآفة فيهما».