أبو هريرة عن محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم ، فهذا يومهم الذي فرض عليهم (١) فاختلفوا فيه فهدانا الله له [فهم](٢) لنا فيه تبع فاليهود غدا والنصارى بعد غد».
قال الله تعالى : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ). [قال قتادة : الذين اختلفوا فيه هم](٣) اليهود استحله بعضهم وحرّمه بعضهم. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
(ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ) ، بالقرآن ، (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) ، يعني مواعظ القرآن. وقيل : الموعظة الحسنة هي الدعاء إلى الله بالترغيب والترهيب. وقيل : هو قول اللين الرقيق من غير تغليظ ولا تعنيف ، (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، وخاصمهم وناظرهم بالخصومة التي هي أحسن أي أعرض عن أذاهم ولا تقصر في تبليغ الرسالة والدعاء إلى الحق ، نسختها آية القتال. (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
(وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ).
[١٢٧٦] هذه الآيات نزلت بالمدينة في شهداء أحد وذلك أن المسلمين لما رأوا ما فعل المشركون بقتلاهم يوم أحد من تبقير البطون والمثلة السيئة حتى لم يبق أحد من قتلى المسلمين إلّا مثّل به غير حنظلة بن الراهب فإن أباه أبا عامر الراهب كان مع أبي سفيان فتركوا حنظلة لذلك ، فقال المسلمون حين رأوا ذلك : لئن أظهرنا الله عليهم لنزيدن على صنيعهم ولنمثلن بهم مثلة لم يفعلها أحد من العرب بأحد ، فوقف رسول الله صلىاللهعليهوسلم على عمه حمزة بن عبد المطلب وقد جدعوا أنفه وأذنيه (٤) وقطعوا مذاكيره وبقروا بطنه ، وأخذت هند بنت عتبة قطعة من كبده فمضغتها ثم استرطتها (٥) لتأكلها فلم تلبث في بطنها حتى رمت بها فبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «أما إنها لو أكلتها لم تدخل النار أبدا إن حمزة أكرم على الله تعالى من أن يدخل شيئا من جسده النار» ، فلما نظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى حمزة نظر إلى شيء لم ينظر إلى شيء قطّ كان أوجع لقلبه منه فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «رحمة الله عليك فإنك ما علمتك إلا فعالا للخيرات وصولا للرحم ، ولو لا حزن من بعدك عليك لسرني أن
__________________
[١٢٧٦] ـ ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٥٧٣ بدون إسناد.
ـ وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ٣ / ١٠ والبيهقي في «الدلائل» ٣ / ٢٨٧ والواحدي ٥٧٠ و ٥٧٢ من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف جدا فيه يحيى بن عبد الحميد الحماني متهم بسرقة الحديث كما في «التقريب». وقيس بن الربيع تغير لما كبر ، وأيضا هذا إسناد منقطع بين الحكم ومقسم كما في «تهذيب التهذيب» ٢ / ٣٧٣.
ـ وأخرجه الحاكم ٣ / ١٩٧ والبزار ١٧٩٥ والواحدي ٥٧١ بنحوه من حديث أبي هريرة ، وفيه صالح بن بشير المري ، وهو ضعيف ، ولذا سكت عليه الحاكم ، وقال الذهبي : صالح واه. وكذا أعله الهيثمي في «المجمع» ١٠١٠٤ بضعف صالح المري.
والحديث بهذا اللفظ ضعيف. وفي بعض ألفاظه نكارة ومن ذلك ذكر نزول جبريل وذكر نزول الآية و «كفر عن يمينه» و «لو أكلتها ما دخلت النار» ولبعضه الآخر شواهد فالخبر له أصل بغير هذا السياق ، راجع «الكشاف» ٥٩٩ و «أحكام القرآن» ١٣١٢ و ١٣١٣ بتخريجي ، وقد استوفيت طرقه وشواهده في هذا الأخير ، والله الموفق.
(١) زيد في المطبوع «يعني يوم الجمعة».
(٢) في المطبوع «والناس».
(٣) زيد في المطبوع و ـ ط.
(٤) في المطبوع «أذنه».
(٥) في المطبوع «استرطبتها».