«يا عليّ ، إنّ الله أمرني أن أنذر عشيرتك الأقربين ، فاصنع لنا صاعا من الطعام ، واجعل عليه رجل شاة ، وعسا من لبن ، ثمّ اجمع لي بني عبد المطلب وأبلغهم ما أمرت به».
فصنعت كما أمرني ، ثمّ دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا فيهم أعمامه : أبو طالب وحمزة وعباس وأبو لهب ، فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الّذي صنعت لهم ، فجئت به ، فلمّا وضعته تناول رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثمّ قال : «خذوا بسم الله». فأكل القوم حتّى ما لهم بشق حاجة ، وما أرى إلّا موضع أيديهم ، وأيم الله الّذي نفسي بيده ، وإن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم ، ثمّ قال : «اسق القوم» ، فجئت بذلك العس ، فشربوا حتّى رووا وبقي الشراب كأنّه لم يشرب.
فقال : «يا بني عبد المطلب ، إنّي بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة ، وقد رأيتم من فضل الله الآيات ما قد رأيتم ، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي!» فلم يقم إليه أحد. قال : فقمت إليه ، وكنت أصغر القوم سنا ، قال : «اجلس» ، ثمّ قال ذلك ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه وهو يقول : «اجلس» ، حتّى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي ثمّ قال : «أنت أخي وصاحبي ووزيري» ، فبذلك ورثت ابن عمّي دون عمّي. (١)
__________________
(١) أرجح المطالب ، ص ٤٣٠.
رواه النسائي في خصائص أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام (ص ١٣٣ ، ح ٦٦) ، قال : أخبرنا الفضل بن سهل ، قال : حدّثني عفان بن مسلم ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن عثمان بن المغيرة ، عن أبي صادق ، عن ربيعة ابن ناجد ، أن رجلا قال لعليّ : يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمّك [رسول الله] دون عمّك [العباس]؟ قال : جمع رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم ـ أو قال : دعا رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم ـ بني عبد المطلب فصنع لهم مدّا من طعام ، فأكلوا حتّى شبعوا ، وبقي الطعام كما هو كأنّه لم يمسّ! ثمّ دعا بغمر فشربوا حتّى رووا وبقي الشراب كأنّه لم يمسّ ـ أو لم يشرب ـ فقال : «يا بني عبد المطلب إنّي بعثت إليكم بخاصة وإلى الناس بعامة ، وقد رأيتم من هذه الآية ما قد رأيتم ، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي ووزيري؟»