(ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (٧٠) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) (٧١)
٦٩ ـ (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) طائفة شاعت أي تبعت غاويا من الغواة (أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) جرأة أو فجورا ، أي لنخرجنّ من كلّ طائفة من طوائف الغيّ أعتاهم فأعتاهم ، فإذا اجتمعوا طرحناهم في النار على الترتيب نقدم أولاهم بالعذاب فأولاهم ، وقيل المراد بأشدّهم عتيا الرؤساء لتضاعف جرمهم لكونهم ضلّالا ومضلّين ، قال سيبويه : أيهم مبني على الضمّ لسقوط صدر الجملة التي هي صلته وهو هو من هو أشدّ ، حتى لو جيء به لأعرب بالنصب ، وقيل أيهم هو أشدّ وهذا لأنّ الصلة توضح الموصول وتبّينه كما أنّ المضاف إليه يوضح المضاف ويخصّصه ، فكما أنّ حذف المضاف إليه في من قبل يوجب بناء المضاف وجب أن يكون حذف الصلة أو شيء منها موجبا للبناء وموضعها نصب بننزع ، وقال الخليل : هي معربة وهي مبتدأ وأشدّ خبره ، وهو رفع على الحكاية تقديره لننزعنّ الذين يقال فيهم أيهم أشدّ على الرحمن عتيا ، ويجوز أن يكون النزع واقعا على من كلّ شيعة كقوله : (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) (١) أي لننزعنّ بعض كلّ شيعة ، فكأنّ قائلا قال : من هم؟ فقيل أيهم أشدّ عتيا ، وعلى يتعلق بأفعل أي عتوّهم أشدّ على الرحمن.
٧٠ ـ (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها) أحقّ بالنار (صِلِيًّا) تمييز ، أي دخولا ، والباء تتعلق بأولى.
٧١ ـ (وَإِنْ مِنْكُمْ) أحد (إِلَّا وارِدُها) داخلها ، والمراد النار ، والورود : الدخول عند عليّ وابن عباس رضي الله عنهم ، وعليه جمهور أهل السنة لقوله تعالى : (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) (٢) ولقوله تعالى : (لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها) (٣) ولقوله : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) (٤) إذ النجاة إنما تكون بعد الدخول لقوله عليهالسلام : (الورود الدخول لا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم وتقول النار للمؤمن : جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي) (٥) وقيل الورود بمعنى الدخول لكنه يختص بالكفار لقراءة ابن عباس وإن منهم ، وتحمل القراءة
__________________
(١) الآية ٥٠ من هذه السورة.
(٢) هود ، ١١ / ٩٨.
(٣) الأنبياء ، ٢١ / ٩٩.
(٤) الآية ٧٢.
(٥) أحمد وابن أبي شيبة.