(وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (٤٩) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (٥٠) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) (٥٢)
٤٨ ـ (وَأَعْتَزِلُكُمْ) أراد بالاعتزال المهاجرة من أرض بابل (١) إلى الشام (٢) (وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي ما تعبدون من أصنامكم (وَأَدْعُوا) وأعبد (رَبِّي) ثم قال تواضعا وهضما للنفس ومعرّضا بشقاوتهم بدعاء آلهتهم (عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) أي كما شقيتم أنتم بعبادة الأصنام.
٤٩ ـ (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) فلما اعتزل الكفار ومعبوديهم (٣) (وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ) ولدا (وَيَعْقُوبَ) نافلة ليستأنس بهما (وَكُلًّا) كلّ واحد منهما (جَعَلْنا نَبِيًّا) أي لما ترك الكفار الفجار لوجهه عوّضه أولادا مؤمنين أنبياء.
٥٠ ـ (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا) هي المال والولد (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ) ثناء حسنا وهو الصلاة على إبراهيم وآل إبراهيم في الصلوات وعبّر باللسان عما يوجد باللسان كما عبّر باليد عما يطلق باليد وهي العطيّة (عَلِيًّا) رفيعا مشهورا.
٥١ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً) كوفي غير المفضّل ، أي أخلصه الله واصطفاه ومخلصا (٤) غيرهم ، أي أخلص هو العبادة لله تعالى فهو مخلص بما له من السعادة بأصل الفطرة ، ومخلص فيما عليه من العبادة بصدق الهمة (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) الرسول الذي معه كتاب من الأنبياء ، والنبيّ الذي ينبئ عن الله عزوجل وإن لم يكن معه كتاب كيوشع.
٥٢ ـ (وَنادَيْناهُ) دعوناه وكلّمناه ليلة الجمعة (مِنْ جانِبِ الطُّورِ) هو جبل بين مصر ومدين (٥) (الْأَيْمَنِ) من اليمين أي من ناحية اليمين ، والجمهور على أنّ المراد
__________________
(١) بابل : بكسر الباء : اسم ناحية من الكوفة والحلة ينسب إليها السحر والخمر ويقال أول من سكنها نوح عليهالسلام وهو أول من عمرها (معجم البلدان ١ / ٣٦٧).
(٢) الشام : حدها من الفرات إلى العريش المتاخم للديار المصرية ومن جبلي طي من نحو القبلة إلى بحر الروم (معجم البلدان ٣ / ٣٥٣).
(٣) في (ظ) و (ز) ومعبودهم.
(٤) في (ز) ومخلصا بالكسر.
(٥) مدين : على بحر القلزم محاذية لتبوك ، وقيل تجاه تبوك بين المدينة والشام وقيل مدين اسم القبيلة (معجم البلدان ٥ / ٩٢).