(وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) (٢٦)
الله عنهما : ضرب عيسى أو جبريل عليهماالسلام بعقبه الأرض فظهرت عين ماء عذب ، فجرى النهر اليابس ، فاخضرت النخلة وأثمرت وأينعت ثمرتها ، فقيل لها :
٢٥ ـ (وَهُزِّي) حركي (إِلَيْكِ) إلى نفسك (بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) قال أبو علي (١) : الباء زائدة أي هزي جذع النخلة (تُساقِطْ عَلَيْكِ) (٢) بإدغام التاء الأولى في الثانية مكي ومدني وشامي وأبو عمرو وعليّ وأبو بكر ، وتتساقط (٣) بإظهار التاءين وتساقط بفتح التاء والقاف وطرح التاء الثانية وتخفيف السين حمزة ، ويسّاقط بفتح الياء والقاف وتشديد السين يعقوب وسهل وحماد (٤) ونصير (٥) ، وتسّاقط حفص من المفاعلة ، وتسقط ويسقط وتسقط ويسقط التاء للنخلة والياء للجذع ، فهذه تسع قراءات (رُطَباً) تمييز أو مفعول به على حسب القراءة (جَنِيًّا) طريا ، وقالوا : التمر للنّفساء عادة من ذلك الوقت ، وقيل ما للنّفساء خير من الرطب ولا للمريض من العسل.
٢٦ ـ (فَكُلِي) من الجني (وَاشْرَبِي) من السّريّ (وَقَرِّي عَيْناً) بالولد الرضي ، وعينا تمييز أي طيبي نفسا بعيسى وارفضي عنك ما أحزنك (فَإِمَّا) أصله إن ما فضمت إن الشرطية إلى ما وأدغمت فيها (تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) أي فإن رأيت آدميا يسألك عن حالك فقولي إني نذرت للرحمن صمتا وإمساكا عن الكلام ، وكانوا يصومون عن الكلام كما يصومون عن الأكل والشرب ، وقيل صياما حقيقة ، وكان صومهم (٦) فيه الصمت ، فكان التزامه التزامه ، وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن صوم الصمت (٧) فصار ذلك منسوخا فينا ، وإنما أمرت أن تنذر السكوت لأن عيسى عليهالسلام يكفيها الكلام بما يبرئ به ساحتها ، ولئلا تجادل
__________________
(١) أبو علي : النهاوندي إسماعيل بن شعيب ـ سبق ترجمته في ٢ / ٩.
(٢) في مصحف النسفي تسّاقط لذلك قال بإدغام التاء الأولى.
(٣) في (ظ) و (ز) والأصل تتساقط.
(٤) حماد : هو حماد بن أحمد بن حماد ، أبو الحسن الكوفي الضرير (غاية النهاية ١ / ٢٥٧).
(٥) نصير : هو نصير بن يوسف بن أبي النصر الرازي ، أبو المنذر البغدادي النحوي مات في حدود ٢٤٠ ه (غاية النهاية ٢ / ٣٤٠).
(٦) في (ز) صيامهم.
(٧) اخرج عبد الرزاق من حديث جابر : (لا صمت يوم إلى ليل) وأبو داود من حديث علي مثله.