(يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦) يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) (٨)
من صلبه يقتدي به في إحياء الدين (مِنْ وَرائِي) بعد موتي ، وبالقصر وفتح الياء كهداي مكي ، وهذا الظرف لا يتعلق بخفت لأنّ وجود خوفه بعد موته لا يتصوّر ، ولكن بمحذوف أو بمعنى الولاية في الموالي أي خفت فعل الموالي وهو تبديلهم وسوء خلافتهم من ورائي ، أو خفت الذين يلون الأمر من ورائي (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) عقيما لا تلد (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ) اختراعا منك بلا سبب لأني وامرأتي لا نصلح للولادة (١) (وَلِيًّا) ابنا يلي أمرك بعدي.
٦ ـ (يَرِثُنِي وَيَرِثُ) برفعهما صفة لوليا ، أي هب لي ولدا وارثا مني العلم ، ومن آل يعقوب النبوة ، ومعنى وراثة النبوة أنه يصلح لأن يوحى إليه ، ولم يرد أنّ نفس النبوة تورث ، وبجزمهما أبو عمرو وعلي أنه جواب للدعاء ، يقال ورثته وورثت منه (مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) ابن إسحاق (٢) (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) مرضيا ترضاه ، أو راضيا عنك وبحكمك. فأجاب الله تعالى دعاءه وقال :
٧ ـ (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى) تولى الله تسميته تشريفا له. نبشرك بالتخفيف حمزة (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) لم يسمّ أحد بيحيى قبله وهذا دليل على أن الاسم الغريب جدير بالأثرة ، وقيل مثلا وشبيها ولم يكن له مثل في أنه لم يعص ولم يهم بمعصية قط ، وأنه ولد بين شيخ وعجوز ، وأنه كان حصورا (٣) ، فلما بشرته الملائكة به :
٨ ـ (قالَ رَبِّ أَنَّى) كيف (يَكُونُ لِي غُلامٌ) وليس هذا باستبعاد بل هو استكشاف أنه بأي طريق يكون؟ أي (٤) يوهب له وهو وامرأته بتلك الحال أم يحوّلان شابين؟ (وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) أي بلغت عتيا ، وهو اليبس والجساوة (٥) في المفاصل والعظام كالعود اليابس من أجل الكبر والطعن في
__________________
(١) في (ز) لأن امرأتي لا تصلح للولادة.
(٢) في (ظ) و (ز) يعقوب بن إسحاق.
(٣) حصورا : من لا يأتي النساء ولا يقربهن ولا يشتهيهن (القاموس ٢ / ١٠).
(٤) في (ظ) و (ز) أيوهب.
(٥) الجساوة أي الصلابة (القاموس ٤ / ٣١٢).