(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً(٥٦) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٥٧)
في ألّا يحتجبن من هؤلاء ، ولم يذكر العمّ والخال لأنهما يجريان مجرى الوالدين ، وقد جاءت تسمية العمّ أبا قال الله تعالى : (وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) (١) وإسماعيل عمّ يعقوب ، وعبيدهنّ عند الجمهور كالأجانب ، ثم نقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب ، وفي هذا النقل فضل تشديد كأنه قيل (وَاتَّقِينَ اللهَ) فيما أمرتنّ به من الاحتجاب ، وأنزل فيه الوحي من الاستتار واحتطن فيه (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) عالما ، قال ابن عطاء : الشهيد الذي يعلم خطرات القلوب كما يعلم حركات الجوارح.
٥٦ ـ (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) أي قولوا اللهم صلّ على محمد ، أو صلّى الله على محمد (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) أي قولوا اللهم سلّم على محمد ، أو انقادوا لأمره وحكمه انقيادا ، وسئل عليهالسلام عن هذه الآية فقال : (إنّ الله وكّل بي ملكين ، فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلي عليّ إلّا قال ذانك الملكان : غفر الله لك ، وقال الله وملائكته جوابا لذنيك الملكين : آمين ، ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي عليّ إلّا قال ذانك الملكان : لا غفر الله لك ، وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين : آمين) (٢) ثم هي واجبة مرة عند الطحاوي (٣) ، وكلما ذكر اسمه عند الكرخي ، وهو الاحتياط وعليه الجمهور ، وإن صلّى على غيره على سبيل التبع كقوله صلّى الله على النبي وآله فلا كلام فيه ، وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة فمكروه ، وهو من شعائر الروافض.
٥٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أي يؤذون رسول الله ، وذكر اسم الله للتشريف ، أو عبّر بإيذاء الله ورسوله عن فعل ما لا يرضى به الله ورسوله ، كالكفر وإنكار النبوة مجازا ، وإنما جعل مجازا فيهما ، وحقيقة الإيذاء يتصور في رسول الله لئلا يجتمع المجاز والحقيقة في لفظ واحد (لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) طردهم الله
__________________
(١) البقرة ، ٢ / ١٣٣.
(٢) لم أجده.
(٣) الطحاوي : أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي ، انتهت إليه رئاسة الحنفية في مصر له مصنفات عديدة ولد عام ٢٣٩ ه وتوفي عام ٣٢١ ه (الأعلام ١ / ٢٠٦).