(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (٤٣) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (٤٤) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) (٤٦)
من ذلك التسبيح بكرة وهي صلاة الفجر ، وأصيلا وهي صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، أو صلاة الفجر والعشاءين.
٤٣ ـ (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) لمّا كان من شأن المصلي أن ينعطف في ركوعه وسجوده استعير لمن ينعطف على غيره حنوّا عليه وترؤفا كعائد المريض في انعطافه عليه ، والمرأة في حنوّها على ولدها ، ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤف ، ومنه قولهم صلّى الله عليك أي ترحّم عليك وترأف ، والمراد بصلاة الملائكة قولهم اللهم صلّ على المؤمنين ، جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة ، كأنهم فاعلون الرحمة والرأفة ، والمعنى هو الذي يترحّم عليكم ويترأف حين يدعوكم إلى الخير ويأمركم بإكثار الذّكر والتوفّر على الصلاة والطاعة (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) من ظلمات المعصية إلى نور الطاعة (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) هو دليل على أنّ المراد بالصلاة الرحمة. وروي أنه لما نزل إنّ الله وملائكته يصلون على النبي قال أبو بكر : ما خصّك الله يا رسول الله بشرف إلا وقد أشركنا فيه فنزلت :
٤٤ ـ (تَحِيَّتُهُمْ) من إضافة المصدر إلى المفعول أي تحية الله لهم (يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ) يرونه (سَلامٌ) يقول الله تبارك وتعالى السلام عليكم (وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) يعني الجنة.
٤٥ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً) على من بعثت إليهم وعلى تكذيبهم وتصديقهم ، أي مقبولا قولك عند الله لهم وعليهم كما يقبل قول الشاهد العدل في الحكم ، وهو حال مقدرة كما تقول مررت برجل معه صقر صائدا به غدا (١) ، أي مقدّرا به الصيد غدا (وَمُبَشِّراً) للمؤمنين بالجنة (وَنَذِيراً) للكافرين بالنار.
٤٦ ـ (وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ) بأمره أو بتيسيره ، والكلّ منصوب على الحال (وَسِراجاً مُنِيراً) جلا به الله ظلمات الشرك واهتدى به الضالون كما يجلى ظلام الليل
__________________
(١) ليس في (ظ) و (ز) غدا.