(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٦)
أو للذين يعملون جميع ما يحسن ، ثم خصّ منهم القائمين بهذه الثلاث (١) لفضلها.
٥ ـ (أُولئِكَ عَلى هُدىً) مبتدأ وخبر (مِنْ رَبِّهِمْ) صفة لهدى (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) عطف عليه.
٦ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) نزلت في النضر بن الحرث وكان يشتري أخبار الأكاسرة من فارس ويقول : إن محمدا يقصّ طرفا من قصة عاد وثمود ، فأنا أحدثكم بأحاديث الأكاسرة فيميلون إلى حديثه ويتركون استماع القرآن. واللهو كلّ باطل ألهى عن الخير وعما يعني. ولهو الحديث نحو السمر بالأساطير التي لا أصل لها والغناء ، وكان ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما يحلفان أنه الغناء ، وقيل الغناء مفسدة للقلب منفدة للمال مسخطة للربّ ، وعن النبي صلىاللهعليهوسلم : (ما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب ، فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت) (٢) والاشتراء من الشراء ، كما روي عن النضر أو من قوله اشتروا الكفر بالإيمان ، أي استبدلوه منه واختاروه عليه ، أي يختارون حديث الباطل على حديث الحقّ ، وإضافة اللهو إلى الحديث للتبيين بمعنى من ، لأنّ اللهو يكون من الحديث ومن غيره فبيّن بالحديث ، والمراد بالحديث الحديث المنكر ، كما جاء في الحديث : (الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش) (٣) أو للتبعيض كأنه قيل ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه (لِيُضِلَ) أي ليصدّ الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ، ليضلّ مكي وأبو عمرو أي ليثبت على ضلاله الذي كان عليه ويزيد فيه (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) عن دين الإسلام أو القرآن (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي جهلا منه بما عليه من الوزر به (وَيَتَّخِذَها) أي السبيل بالنصب كوفي غير أبي بكر عطفا على ليضلّ ، ومن رفع عطفه على يشتري (هُزُواً) بسكون الزاي والهمزة حمزة ، وبضم الزاي بلا
__________________
(١) في (ظ) و (ز) الثلاثة.
(٢) أبو يعلى وإسحاق والحارث من طريق أبي أمامة.
(٣) الطبراني وابن مردويه وابن النجار عن الحسن بن علي (الدر المنثور).