(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧) اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٥٠)
٤٧ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي فآمن بهم قوم وكفر بهم قوم ، ويدلّ على هذا الإضمار قوله (فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) أي كفروا بالإهلاك في الدنيا (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) أي وكان نصر المؤمنين حقا علينا بإنجائهم مع الرسل ، وقد يوقف على حقا ، ومعناه كان الانتقام منهم حقا ، ثم يبدأ (١) علينا نصر المؤمنين ، والأول أصح.
٤٨ ـ (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ) الريح مكي (فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ) أي السحاب (فِي السَّماءِ) أي في سمت السماء وشقّها كقوله : (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) (٢) (كَيْفَ يَشاءُ) من ناحية الشمال أو الجنوب أو الدّبور أو الصّبا (وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً) قطعا جمع كسفة أي يجعله منبسطا يأخذ وجه السماء مرة ويجعله قطعا متفرقة غير منبسطة مرة. كسفا يزيد وابن ذكوان (فَتَرَى الْوَدْقَ) المطر (يَخْرُجُ) في التّارتين جميعا (مِنْ خِلالِهِ) وسطه (فَإِذا أَصابَ بِهِ) بالودق (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) يريد إصابة بلادهم وأراضيهم (إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) يفرحون.
٤٩ ـ (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) المطر (مِنْ قَبْلِهِ) كرر للتأكيد كقوله : (فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها) (٣) ومعنى التوكيد فيها الدلالة على أنّ عهدهم بالمطر قد تطاول فاستحكم بأسهم ، فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك (لَمُبْلِسِينَ) آيسين.
٥٠ ـ (فَانْظُرْ إِلى آثارِ) شامي وكوفي غير أبي بكر ، وغيرهم أثر (رَحْمَتِ اللهِ) أي المطر (كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ) بالنبات وأنواع الثمار (بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ)
__________________
(١) في (ز) تبدىء.
(٢) إبراهيم ، ١٤ / ٢٤.
(٣) الحشر ، ٥٩ / ١٧.