(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ (٦٧) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٦٨) وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (٦٩)
وليتمتعوا بسكون اللام على وجه التهديد كقوله : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (١) وتحقيقه في أصول الفقه يقف عليه (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) سوء تدبيرهم عند تدميرهم.
٦٧ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا) أي أهل مكة (أَنَّا جَعَلْنا) بلدهم (حَرَماً) ممنوعا مصونا (آمِناً) يأمن داخلوه (٢) (وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) يستلبون قتلا وسبيا (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) أي بالشيطان والأصنام (وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ) أي بمحمد عليهالسلام والإسلام.
٦٨ ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بأن جعل له شريكا (أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِ) بنبوة محمد عليهالسلام والكتاب (لَمَّا جاءَهُ) أي لم يتلعثموا في تكذيبه حين سمعوه (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) هذا تقرير لثوائهم في جهنم ، لأن همزة الإنكار إذا دخلت (٣) على النفي صار إيجابا ، يعني ألا يثوون فيها وقد افتروا مثل هذا التكذيب على الله وكذّبوا بالحقّ (٤) هذا التكذيب ، أو ألم يصح عندهم أنّ في جهنم مثوى للكافرين حين اجترؤا مثل هذه الجراءة ، وذكر المثوى في مقابلة لنبوّئنّهم يؤيد قراءة الثاء (٥).
٦٩ ـ (وَالَّذِينَ جاهَدُوا) أطلق المجاهدة ولم يقيدها بمفعول ليتناول كلّ ما تجب مجاهدته من النفس والشيطان وأعداء الدين (فِينا) في حقّنا ومن أجلنا ولوجهنا خالصا (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) سبلنا أبو عمرو ، أي لنزيدينّهم هداية إلى سبل الخير وتوفيقا ، وعن الداراني (٦) : والذين جاهدوا فيما علموا لنهدينّهم إلى ما لم يعلموا ، فقد قيل : من عمل بما علم وفّق لما لا يعلم. وقيل : إنّ الذي نرى من جهلنا بما لا
__________________
(١) الكهف ، ١٨ / ٢٩.
(٢) في (ز) داخله.
(٣) في (ز) أدخلت.
(٤) في (ز) بالحق مثل هذا.
(٥) في (ز) الثاني.
(٦) الداراني : هو عبد الرحمن بن أحمد بن عطية العنسي المذحجي ، أبو سليمان ، زاهد مشهور من أهل داريا بغوطة دمشق ، كان من كبار المتصوفة له أخبار في الزهد (الأعلام ٣ / ٢٩٣).