وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً (٤١) إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٢) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) (٤٣)
(يَكُونُوا يَرَوْنَها) أما شاهدوا ذلك بأبصارهم عند سفرهم الشام ، فيتفكرون فيؤمنون (١) (بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) بل كانوا قوما كفرة بالبعث لا يخافون بعثا فلا يؤمنون ، أو لا يأملون نشورا كما يأمله المؤمنون لطمعهم في الوصول إلى ثواب أعمالهم.
٤١ ـ (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ) إن نافية (إِلَّا هُزُواً) اتخذه هزوا في معنى استهزأ به ، والأصل اتخذه موضع هزؤ ، أو مهزوءا به (أَهذَا الَّذِي) محكى بعد القول المضمر ، وهذا استصغار واستهزاء ، أي قائلين أهذا الذي (بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) والمحذوف حال ، والعائد إلى الذي محذوف ، أي بعثه.
٤٢ ـ (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها) أن مخففة من الثقيلة ، واللام فارقة ، وهو دليل على فرط مجاهدة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في دعوتهم ، وعرض المعجزات عليهم ، حتى شارفوا بزعمهم أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام لو لا فرط لجاجهم واستمساكهم بعبادة آلهتهم (وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ) هو وعيد ودلالة على أنهم لا يفوتونه وإن طالت مدة الإمهال (مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) هو كالجواب عن قولهم إن كاد ليضلّنا لأنه نسبة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الضلال ، إذ لا يضلّ غيره إلا من هو ضال في نفسه.
٤٣ ـ (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) أي من أطاع هواه فيما يأتي ويذر ، فهو عابد هواه وجاعله إلهه ، فيقول الله تعالى لرسوله : هذا الذي لا يرى معبودا إلا هواه كيف تستطيع أن تدعوه إلى الهدى؟ يروى أنّ الواحد من أهل الجاهلية كان يعبد الحجر فإذا مرّ بحجر أحسن منه ترك الأوّل وعبد الثاني ، وعن الحسن : هو في كلّ متبع هواه (أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) أي حفيظا تحفظه من متابعة هواه وعبادة ما يهواه ، أفأنت تكون عليه موكلا فتصرفه عن الهوى إلى الهدى ، عرّفه أنّ إليه التبليغ فقط.
__________________
(١) في (ز) فيتفكروا فيؤمنوا.