(يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤) مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) (١٦)
١٣ ـ (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) والإشكال أنه تعالى نفى الضّرّ والنفع عن الأصنام قبل هذه الآية وأثبتهما لها هنا ، والجواب أنّ المعنى إذا فهم ذهب هذا الوهم ، وذلك أنّ الله تعالى سفّه هذا (١) الكافر بأنه يعبد جمادا لا يملك ضرّا ولا نفعا ، وهو يعتقد فيه أنه ينفعه ، ثم قال يوم القيامة يقول هذا الكافر بدعاء وصراخ حين يرى استضراره بالأصنام ولا يرى لها أثر الشفاعة لمن ضرّه أقرب من نفعه (لَبِئْسَ الْمَوْلى) أي الناصر (٢) (وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) الصاحب (٣) ، أو كرّر يدعو كأنه قال يدعو من دون الله ما لا يضرّه وما لا ينفعه ، ثم قال لمن ضره بكونه معبودا أقرب من نفعه بكونه شفيعا.
١٤ ـ (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) هذا وعد لمن عبد الله بكلّ حال لا لمن عبد الله على حرف.
١٥ ـ (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) المعنى أنّ الله ناصر رسوله في الدنيا والآخرة فمن ظنّ من أعاديه غير ذلك (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ) بحبل (إِلَى السَّماءِ) أي (٤) سماء بيته (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) ثم ليختنق به ، وسمى الاختناق قطعا لأنّ المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه. وبكسر اللام بصري وشامي (فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ) أي الذي يغيظه ، أو ما مصدرية أي غيظه ، والمعنى فليصوّر في نفسه أنه إن فعل ذلك هل يذهب نصر الله الذي يغيظه ، وسمّي فعله كيدا على سبيل الاستهزاء لأنه لم يكد به محسوده إنما كاد به نفسه ، والمراد ليس في يده إلا ما ليس بمذهب لما يغيظ.
١٦ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ) ومثل ذلك الإنزال أنزل القرآن كلّه (آياتٍ بَيِّناتٍ) واضحات (وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) أي ولأنّ الله يهدي به الذين يعلم أنهم يؤمنون ، أو يثبّت الذين آمنوا ويزيدهم هدى أنزله كذلك مبيّنا.
__________________
(١) ليس في (ظ) و (ز) هذا.
(٢) زاد في (ز) الصاحب.
(٣) في (ز) المصاحب.
(٤) في (ظ) و (ز) إلى.