(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (٣) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) (٤)
الرضيع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الدهشة ، إذ المرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبيّ ، والمرضع التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به (وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ) أي حبلى (حَمْلَها) ولدها قبل تمامه ، عن الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام (وَتَرَى النَّاسَ) أيها الناظر (سُكارى) على التّشبيه لمّا شاهدوا بساط العزة وسلطنة الجبروت وسرادق الكبرياء ، حتى قال كلّ نبيّ : نفسي نفسي (وَما هُمْ بِسُكارى) على التحقيق (وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) فخوف عذاب الله هو الذي أذهب عقولهم ، وطيّر تمييزهم ، وردّهم في نحو حال من يذهب السكر بعقله وتمييزه. وعن الحسن : وترى الناس سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الشراب. سكرى فيهما بالإمالة حمزة وعليّ ، وهو كعطشى في عطشان. روي أنه نزلت الآيتان ليلا في غزوة بني المصطلق فقرأهما النبيّ عليهالسلام فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة (١).
٣ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ) في دين الله (بِغَيْرِ عِلْمٍ) حال ، نزلت في النضر بن الحارث وكان جدلا يقول : الملائكة بنات الله ، والقرآن أساطير الأولين ، والله غير قادر على إحياء من بلي ، أو هي عامة في كلّ من يخاصم في الدين بالهوى (وَيَتَّبِعُ) في ذلك (كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) عات مستمر في الشرّ ، ولا وقف على مريد لأنّ ما بعده صفة (٢).
٤ ـ (كُتِبَ عَلَيْهِ) قضي على الشيطان (أَنَّهُ) أن الأمر والشأن ، وهو فاعل كتب (٣) (مَنْ تَوَلَّاهُ) تبعه ، أي تبع الشيطان (فَأَنَّهُ) فأنّ الشيطان (يُضِلُّهُ) عن سواء السبيل (وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) النار. قال الزّجّاج : الفاء في فأنه للعطف ، وأن مكررة للتأكيد ، ورد عليه أبو علي وقال : إنّ من إن كان للشرط فالفاء دخل لجزاء الشرط ، وإن كان بمعنى الذي فالفاء دخل على خبر المبتدأ ، والتقدير فالأمر أنه يضلّه ، قال : والعطف والتأكيد يكون بعد تمام الأول ، والمعنى كتب على الشيطان
__________________
(١) رواه الترمذي والنسائي والحاكم.
(٢) في (ز) صفته.
(٣) سقطت هذه العبارة من (ز).