فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (١١٧) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (١١٨) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (١١٩) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (١٢٠) فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) (١٢١)
(إِلَّا إِبْلِيسَ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ إبليس كان ملكا من جنس المستثنى منهم ، وقال الحسن : الملائكة لباب الخليقة من الأرواح ولا يتناسلون ، وإبليس من نار السّموم ، وإنما صحّ استثناؤه منهم لأنه كان يصحبهم ويعبد الله معهم (أَبى) جملة مستأنفة كأنه جواب لمن قال لم لم يسجد؟ والوجه أن لا يقدّر له مفعول وهو السجود المدلول عليه بقوله فسجدوا وأن يكون معناه أظهر الإباء وتوقّف.
١١٧ ـ (فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ) حيث لم يسجد لك ولم ير فضلك (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ) فلا يكوننّ سببا لإخراجكما (فَتَشْقى) فتتعب في طلب القوت ، ولم يقل فتشقيا مراعاة لرؤوس الآي ، أو دخلت تبعا ، أو لأنّ الرجل هو الكافل لنفقة المرأة ، وروي أنه أهبط إلى آدم ثور أحمر وكان يحرث عليه ويمسح العرق من جبينه.
١١٨ ـ (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها) في الجنة (وَلا تَعْرى) عن الملابس لأنها معدّة أبدا فيها.
١١٩ ـ (وَأَنَّكَ) بالكسر نافع وأبو بكر عطفا على إن الأولى ، وغيرهما بالفتح عطفا على ألّا تجوع ومحلّه نصب بأن ، وجاز للفصل كما تقول إنّ في علمي أنك جالس (لا تَظْمَؤُا فِيها) لا تعطش لوجود الأشربة فيها (وَلا تَضْحى) لا يصيبك حرّ الشمس إذ ليس فيها شمس فأهلها في ظلّ ممدود.
١٢٠ ـ (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ) أي أنهى إليه الوسوسة كأسرّ إليه (قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ) أضاف الشجرة إلى الخلد وهو الخلود لأنّ من أكل منها خلد بزعمه ولا يموت (وَمُلْكٍ لا يَبْلى) لا يفنى.
١٢١ ـ (فَأَكَلا) أي آدم وحواء (مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) عوراتهما (وَطَفِقا) طفق يفعل كذا مثل جعل يفعل ، وهو ككاد في وقوع الخبر فعلا مضارعا إلّا أنه للشروع في أول الأمر وكاد للدّنوّ منه (يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) أي يلزقان الورق بسوءاتهما للتستر ، وهو ورق التين (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) ضلّ عن