يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (١٠٩) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (١١٠) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) (١١٢)
إلى صوبه لا يعدلون عنه (لا عِوَجَ لَهُ) أي لا يعوجّ له مدعو بل يستوون إليه من غير انحراف متّبعين لصوته (وَخَشَعَتِ) وسكنت (الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) هيبة وإجلالا (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) صوتا خفيّا (١) لتحريك الشفاه ، وقيل هو من همس الإبل وهو صوت أخفافها إذا مشت ، أي لا تسمع إلا خفق الأقدام ونقلها إلى المحشر.
١٠٩ ـ (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ) محل من رفع على البدل من الشفاعة بتقدير حذف المضاف ، أي لا تنفع الشفاعة إلا شفاعة من أذن له الرحمن ، أي أذن للشافع في الشفاعة (وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) أي رضي قولا لأجله بأن يكون المشفوع له مسلما ، أو نصب على أنه مفعول تنفع.
١١٠ ـ (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) أي يعلم ما تقدّمهم من الأحوال وما يستقبلونه (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) أي بما أحاط به علم الله فيرجع الضمير إلى ما ، أو يرجع الضمير إلى الله لأنه تعالى ليس بمحاط به.
١١١ ـ (وَعَنَتِ) خضعت وذلّت ، ومنه قيل للأسير : عان (الْوُجُوهُ) أي أصحابها (لِلْحَيِ) الذي لا يموت ، وكلّ حياة يتعقبها الموت فهي كأن لم تكن (الْقَيُّومِ) الدائم القائم على كلّ نفس بما كسبت ، أو القائم بتدبير الخلق (وَقَدْ خابَ) يئس من رحمة الله (مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) من حمل إلى موقف القيامة شركا ، لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه ، ولا ظلم أشدّ من جعل المخلوق شريك من خلقه.
١١٢ ـ (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ) الصالحات الطاعات (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) مصدق بما جاء به محمد عليهالسلام ، وفيه دليل أنه يستحق اسم الإيمان بدون الأعمال الصالحة وأنّ الإيمان شرط قبولها (فَلا يَخافُ) أي فهو لا يخاف فلا يخف على النهي مكي (ظُلْماً) أن يزداد في سيئاته (وَلا هَضْماً) ولا ينقص من حسناته ، وأصل الهضم النقص والكسر.
__________________
(١) في (ز) خفيفا.