وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً (١٠٦) لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٧) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً) (١٠٨)
(إِلَّا يَوْماً) وهو كقوله : (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ) (١).
١٠٥ ـ (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ) سألوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم ما يصنع بالجبال يوم القيامة؟ وقيل لم يسأل ، وتقديره إن سألوك (فَقُلْ) ولذا قرن بالفاء بخلاف سائر السؤالات مثل قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً) (٢) وقوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) (٣) (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) (٤) (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) (٥) (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ) (٦) (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا) (٧) لأنها سؤالات تقدمت فورد جوابها ولم يكن فيها معنى الشرط فلم يذكر الفاء (يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) أي يجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها كما يذرى الطعام ، وقال الخليل : يقلعها.
١٠٦ ـ (فَيَذَرُها) فيذر مقارّها ، أو يجعل الضمير للأرض للعلم بها كقوله : (ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها) (٨) (قاعاً صَفْصَفاً) مستوية ملساء.
١٠٧ ـ (لا تَرى فِيها عِوَجاً) انخفاضا (وَلا أَمْتاً) ارتفاعا ، والعوج بالكسر إن كان في المعاني ، كما أنّ المفتوح في الأعيان ، والأرض عين ولكن لما استوت الأرض استواء لا يمكن أن يوجد فيها اعوجاج بوجه ما وإن دقت الحيلة ولطفت جرت مجرى المعاني.
١٠٨ ـ (يَوْمَئِذٍ) أضاف اليوم إلى وقت نسف الجبال ، أي يوم إذ نسفت ، وجاز أن يكون بدلا بعد بدل من يوم القيامة (يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) إلى المحشر ، أي صوت الداعي وهو إسرافيل حين ينادي على صخرة بيت المقدس : أيتها العظام البالية والجلود المتمزقة واللحوم المتفرقة هلمي إلى عرض الرحمن ، فيقبلون من كلّ أوب
__________________
(١) المؤمنون ، ٢٣ / ١١٣.
(٢) البقرة ، ٢ / ٢٢٢.
(٣) البقرة ، ٢ / ٢٢٠.
(٤) البقرة ، ٢ / ٢١٩.
(٥) الأعراف ، ٧ / ١٨٧.
(٦) الإسراء ، ١٧ / ٨٥.
(٧) الكهف ، ١٨ / ٨٣.
(٨) فاطر ، ٣٥ / ٤٥.