٦ ـ إنه يلجأ
لأقوال التابعين إن لم يجد التفسير في القرآن والحديث وأقوال الصحابة ؛ لأنّ
التابعين تلقّوا علومهم عن الصحابة الذين تلقّوا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأقوالهم أولى من أقوال غيرهم ، لقربهم من عهد النبوة
والوحي ، وفهمهم لروح الشريعة ، ومن أمثلة أقوال التابعين في الكتاب قوله تعالى : (نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر وجاءكم
النذير) [فاطر : ٣٧] قال قتادة (ت ١١٧ ه / ٧٣٥ م) : احتج عليهم بطول العمر ، وبالرسول
صلىاللهعليهوسلم.
٧ ـ إنه يلجأ
للاستشهاد بالشعر العربي إذا لم يجد التفسير في القرآن والحديث وأقوال الصحابة
والتابعين ؛ لأن الشعر ديوان العرب ، وفيه تفسير معاني كتاب الله تعالى ، والقرآن
نزل بلسان عربي مبين ، ومن الأمثلة على ذلك في الكتاب قوله تعالى : (والسّماء ذات الرّجع) [الطارق : ١١] أي تبتدىء بالمطر ثم ترجع به في كل عام ، وقال أبو عبيدة :
الرجع الماء ، وأنشد للمتنخّل يصف السيف :
أبيض كالرجع
الرسوب إذا
|
|
ما ساخ في
محتفل يختلي
|
٨ ـ إنه يلجأ لأقوال أئمة اللغة
والأدب في القرنين الثاني والثالث الهجريين / التاسع والعاشر الميلاديين ، إذا لم
يجد التفسير في القرآن والحديث وأقوال الصحابة والتابعين ، للدلالة على تبيان معنى
غامض ، أو اشتقاق كلمة ، أو بيان أصلها ، أو إعرابها ، ومن الأمثلة على ذلك : قوله
تعالى : (مسكين) [البقرة : ١٨٤] أي «مفعيل» من السكون ، وهو الذي سكّنه الفقر ، أي قلّل
حركته ، قال يونس : المسكين الذي لا شيء له ، والفقير الذي له بعض ما يقيمه. وقال
الأصمعي : بل المسكين أحسن حالا من الفقير ؛ لأن الله عزوجل قال : (أمّا السّفينة فكانت
لمساكين يعملون في البحر) [الكهف : ٧٩] فأخبر أن المسكين له سفينة من سفن البحر ، وهي تساوي جملة.
٩ ـ وأخيرا ،
ما هو موقف السجستاني من مدرستي البصرة والكوفة؟ وإلى أي المدرستين كان ينتمي؟
ورأي من كان يختار؟
كان السجستاني
من تلاميذ ابن الأنباري الكوفي (ت ٣٢٨ ه / ٩٣٩ م) ولكنه كان يعيش معه في بغداد ،
عقب انتقال مركز الخلافة إليها ، واستقطابها أعلام مدرستي البصرة والكوفة ،
وانصهار الجميع في مدرسة جديدة للغة والأدب سمّيت فيما بعد بمدرسة بغداد ،