(وَلا تَعْتَدُوا) في قتل النساء ، والصبيان ، والرهبان ، وشبههم ؛ فهي محكمة (١).
وقوله تعالى : (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ...) الآية : قال ابن إسحاق وغيره : نزلت هذه الآية في شأن عمرو بن الحضرميّ ، وواقد ، وهي سريّة عبد الله بن جحش (٢) ، و (ثَقِفْتُمُوهُمْ) معناه : أحكمتم غلبتهم ، يقال : رجل ثقف لقف ، إذا كان محكما لما يتناوله من الأمور (٣).
و (أَخْرِجُوهُمْ) : خطاب لجميع المؤمنين ، والضمير لكفار قريش.
و (الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) ، أي : الفتنة التي حملوكم عليها ، وراموكم بها على الرّجوع إلى الكفر ـ أشدّ من القتل ، ويحتمل أن يكون المعنى : والفتنة ، أي : الكفر والضّلال الذي هم فيه أشدّ في الحرم ، وأعظم جرما من القتل الّذي عيّروكم به في شأن ابن الحضرميّ.
وقوله تعالى : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ...) الآية.
قال الجمهور (٤) : كان هذا ثمّ نسخ ، وقال مجاهد : الآية محكمة (٥) ، ولا يجوز قتال أحد ، يعني : عند المسجد الحرام ، إلا بعد أن يقاتل.
قلت : وظاهر قوله صلىاللهعليهوسلم : «وإنّما أحلّت لي ساعة من النّهار ، ولم تحلّ لأحد بعدي» (٦) يقوي قول مجاهد ، وهذا هو الراجح عند الإمام
__________________
(١) أخرجه الطبري (٢ / ١٩٦) برقم (٣١٠٠) ، وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (١ / ١٦١) من قول ابن عباس ، ومجاهد ، وذكره ابن عطية الأندلسي في «المحرر الوجيز» (١ / ٢٦٢) ، عن ابن عباس ، وعمر بن عبد العزيز ، ومجاهد.
والسيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٣٧٠) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس.
(٢) عبد الله بن جحش الأسدي بن رياب ، ابن يعمر الأسدي. حليف بني عبد شمس. أحد السابقين.
قال ابن حبّان : له صحبة. وقال ابن إسحاق : هاجر إلى الحبشة ، وشهد بدرا.
ودفن هو وحمزة في قبر واحد ، وكان له يوم قتل نيف وأربعون سنة ينظر : «الإصابة» (٤ / ٣١ ، ٣٣)
(٣) ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١ / ٢٦٢)
(٤) ينظر : «تفسير الطبري» (٣ / ٥٦٧) ، و «المحرر الوجيز» (١ / ٢٦٣)
(٥) ذكره البغوي في «معالم التنزيل» (١ / ١٦٢) ، عن مجاهد ، وجماعة ، وابن عطية الأندلسي (١ / ٢٦٣) عن مجاهد.
(٦) هذا جزء من حديث أخرجه البخاري (٤٦ ، ٤٧) ، كتاب «جزاء الصيد» ، باب لا يحل القتال بمكة ، ـ