المجاز ، وسألت عن الرجل السائل ، فقيل لي : هو من كتّاب الوزير وجلسائه وهو إبراهيم بن إسماعيل الكاتب» (١).
وبعض العلماء ينكر هذه القصّة ؛ لأن أبا عبيدة لم يشر إليها في مقدّمة كتابه ... (٢).
ومن الذين كتبوا عن اتجاهات التّفسير من يسلك أبا عبيدة ـ من خلال كتابه هذا ـ في سلك الاتجاه البيانيّ في التّفسير ، وأكثرهم يعدّه رائدا في الاتجاه اللّغويّ.
على أن أبا عبيدة لم «يعن بالمجاز ما هو قسيم الحقيقة ، وإنّما عنى بمجاز الآية ما يعبّر به عن الآية» (٣).
فقد يستعمل أبو عبيدة لفظ المجاز قاصدا به معنى اللّفظ ، فمثلا في قوله تعالى : (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) [الأحقاف : ١٥] يقول : «مجازه : شددني إليك ، ومنه قولهم : وزعني الحلم عن السّفاه ، أي : منعني ، ومنه الوزعة : الّذين يدفعون الخصوم والنّاس عن القضاة والأمراء» ؛ ثم يستشهد بالبيت :
على حين عاتبت المشيب على الصّبا |
|
فقلت ألمّا تصح والشّيب وازع (٤) |
وأما أبو زكريّا الفرّاء المتوفّى سنة ٢٠٧ ه ، فكان يستعين بتفسيرات السّلف ، مضيفا له ما أدّى إليه اجتهاده اللغويّ ، وكذا الزّجّاج المتوفّى سنة ٣١١ ه (٥).
لقد استلهم الفرّاء الحسّ اللّغويّ محكّما ذوقه وعقله ؛ كما راعى السّياق العامّ في الآية ؛ ولذا نجده يفضّل قراءة تحقّق التجانس بين الكلمات المتجاورات على غيرها (٦).
ثالثا ـ الاتّجاه البيانيّ (٧) :
وبذور هذا الاتجاه نجدها في تفسير ابن عبّاس المبثوث في ثنايا التفسير الأثريّ ، ومن
__________________
(١) «معجم الأدباء» ١٩ / ١٥٨.
(٢) راجع «خطوات التفسير البياني» ص ٤٤ ، ٤٥ وقد ذكر الدكتور رجب البيومي أسبابا أخرى ومبررات لرفض هذه القصة.
(٣) «فتاوى ابن تيمية» كتاب الإيمان ص ٨٨.
(٤) «مجاز القرآن» ٢ / ٩٢ ، ٩٣.
(٥) راجع البغوي الفراء ص ٢٣٨.
(٦) راجع البغوي الفراء ص ٢٣٩ ، ٢٤٠ (بتصرف وإيجاز)
(٧) بعض المؤلفين في تاريخ التفسير يضعون اتجاها ثالثا بدلا من هذا الاتجاه يطلقون عليه «الاتجاه النقدي» ، وبعضهم يسلك هذا الاتجاه ضمن الاتجاه الأثري. انظر : «التفسير ورجاله» : ابن عاشور ص ٢٦.