ويقول العلماء :
إن ابن مسعود هو الذي وضع الأساس لطريقة الاستدلال ، وقد أثرت هذه الطريقة في مدرسة التفسير ، فكثر التفسير بالرأي والاجتهاد (١) ، وسوف يأتي ذكر تلاميذه عند حديثنا عن تفسير التابعين.
٣ ـ أبيّ بن كعب :
هو : أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النّجّار ، سيّد القرّاء (٢) ، كنيته : أبو المنذر أو أبو الطّفيل.
شهد بيعة العقبة مع السّبعين من الأنصار ، وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلّها مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وهو أحد المشهورين بحفظ القرآن من الصحابة ، وبإقرائه ؛ قال فيه عمر بن الخطاب : «أبيّ أقرؤنا» (٣).
وهو أحد الذين تلمذ عليهم «ابن عبّاس» ؛ يقول ابن عباس (٤) :
«ما حدّثني أحد قطّ حديثا فاستفهمته ، فلقد كنت آتي باب أبيّ بن كعب ، وهو نائم ، فأقيل على بابه ، ولو علم بمكاني لأحبّ أن يوقظ ؛ لمكاني من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولكنّي أكره أن أملّه».
كان أبيّ يكتب في مصحفه أشياء ليست من القرآن الكريم مما يعدّ شرحا ، أو تفسيرا ، أو سببا لنزول ، أو مما نسخ ، وكان يقول : لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٥) ، فمن ذلك مثلا : دعاء القنوت (٦).
وكان من أعلم الصحابة بكتاب الله ؛ وذلك لعدّة عوامل :
* أنه كان من كتّاب الوحي للرسول صلىاللهعليهوسلم.
* أنه كان حبرا من أحبار اليهود العارفين بأسرار الكتب القديمة وما ورد فيها.
__________________
(١) المصدر السابق ١ / ١٢٠.
(٢) «تهذيب التهذيب» ١ / ١٨٧ ، «غاية النهاية في طبقات القراء» ١ / ٣١. «أسد الغابة» ١ / ٤٩ ـ ٥١.
(٣) رواه البخاري ، وانظر «طبقات القراء للذهبي» ٦ / ٦٢٩ وكذا شهد له النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٤) «طبقات ابن سعد» ٢ / ٣٧١.
(٥) «تاريخ الإسلام» للذهبي ٢ / ٢٨.
(٦) راجع «الإتقان» ١ / ٦٦.