ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطّاب.
وهو أحد كبار التابعين الأجلّاء علما وعملا وإخلاصا ، شهد له بالعلم خلق كثير.
قال أنس بن مالك :
«سلوا الحسن ؛ فإنّه حفظ ونسينا» ، وقال سليمان التّيميّ : «الحسن شيخ أهل البصرة» ، وروى أبو عوانة عن قتادة أنه قال :
«ما جالست فقيها قطّ إلّا رأيت فضل الحسن عليه».
وكان أبو جعفر الباقر يقول عنه : «ذلك الّذي يشبه كلامه كلام الأنبياء» (١).
وقد التزم الحسن البصريّ بمنهجه السّلفيّ في تفسير الآيات المتعلّقة بالله وصفاته ، ولم يمنعه هذا الالتزام من حرّيّة العقل حين تعرّض لغيرها ؛ يقول في تفسير قوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) [القمر : ٤٩] ، قدّر الله لكلّ شيء من خلقه قدره الذي ينبغي له ، وهذه هي عقيدة السّلف التي بنوها على ما تعلّق بالآية من سبب لنزولها ، فعن أبي هريرة قال :
جاءت مشركو قريش إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم يخاصمونه في القدر ، فنزلت هذه الآية : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) [القمر : ٤٩] (٢).
وكان الحسن يعمل عقله وفكره في فهم القرآن وتفسيره ؛ يقول في قوله تعالى : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) [النبأ : ٢٣] :
«إنّ الله لم يجعل لأهل النّار مدّة ، بل قال : لابثين فيها أحقابا ، فو الله ، ما هو إلّا أنّه إذا مضى حقب دخل آخر ثمّ آخر إلى الأبد ، فليس للأحقاب عدّة إلّا الخلود» (٣).
وتوفّي ـ رحمهالله ـ سنة عشر ومائة من الهجرة عن ثمان وثمانين سنة.
٥ ـ قتادة :
هو : قتادة بن دعامة السّدوسيّ : الأكمه ، أبو الخطّاب ، عربيّ الأصل ، كان يسكن البصرة.
__________________
(١) «تهذيب التهذيب» ٢ / ٢٦٣.
(٢) «البغوي الفراء» ٢٢١.
(٣) «البغوي الفراء» ٢٢٢.