عَنْها ...) [البقرة : ٣٦] ، يتعرض لمعنى «أزلّهما» ، فيقول : مأخوذ من الزلل ، ثم يحكي اختلافهم في كيفية هذا الإزلال ، فيقول : وقال جمهور العلماء : أغواهما مشافهة ؛ بدليل قوله تعالى : (وَقاسَمَهُما) [الأعراف : ٢١].
وفي الآية التالية ، وهي قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) [البقرة : ٣٧] يحكي عن الحسن أنها قوله تعالى : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ...) الآية وهي من [الأعراف : ٢٣].
وأما تفسيره بالحديث ، فهذا كثير جدا ، وفيه (مثلا) في قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ...) الآية [الأنعام : ٨٢] يقول : والظلم في هذا الموضع : الشرك ؛ تظاهرت بذلك الأحاديث الصحيحة.
وفي تفسير قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ...) الآية [الأنفال : ٦٠] قال : وفي صحيح مسلم : «ألا إنّ القوة الرّمي ، ألا إن القوّة الرمي ، ألا إن القوة الرمي».
وأما آثار السّلف من الصحابة والتابعين ، فقد حشا بها تفسيره ، فهم خير القرون وأعلمها ، فإن سألت عن العربية فهم أرباب الفصاحة فيها ، وإن سألت عن علمهم بالأحكام ، فهم مؤصّلوها ، والبحور التي لا تكدرها الدّلاء ، وإن سألت عن أسباب النزول ، ومعرفتهم بها ، فليس المخبر كالمعاين ، وليس من رأى كمن سمع ، فمن بينهم من كان يعاين نزول الوحي ، ومنهم من نزل بسببه آي الكتاب ، وتوبة رب الأرباب.
وقد رأينا الثعالبي ـ رحمهالله ـ يزيّن صحيفته بالنقل عنهم ، والأمثلة تملأ الكتاب ، ومنها مثلا : في تفسير قوله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ...) السورة ، أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لعائشة : «ما أراه إلا حضور أجلي» ، قال الثعالبي : وتأوله عمر والعباس بحضرة النبي صلىاللهعليهوسلم فصدقهما. قال : ونزع هذا المنزع ابن عباس وغيره.
وفي سورة القدر في قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) يقول : قال الشعبي وغيره : المعنى : إنا ابتدأنا إنزال هذا القرآن.
ثانيا : تعرّضه لمسائل في أصول الدين :
فقد تعرض لذكر معتقده في مسائل منها ، مثل «تكليف ما لا يطاق» ، عند تفسيره لقوله تعالى : (فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) [البقرة : ٣١] فقال الثعالبي : «وقال قوم : يخرج من هذا الأمر بالإنباء تكليف ما لا يطاق ، ويتقرر جوازه ؛ لأنه سبحانه علم أنهم لا