بعزم ، ونشاط. وجدّ.
(وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) : أي : حبّ العجل ، والمعنى : جعلت قلوبهم تشربه ، وهذا تشبيه ومجاز عبارة عن تمكّن أمر العجل في قلوبهم.
وقوله تعالى : (بِكُفْرِهِمْ) يحتمل أن تكون باء السبب ، ويحتمل أن تكون بمعنى «مع».
وقوله تعالى : (قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ) أمر لمحمّد صلىاللهعليهوسلم أن يوبّخهم ؛ لأنّه بئس هذه الأشياء التي فعلتم ، وأمركم بها إيمانكم الذي زعمتم في قولكم : (نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا).
وقوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ ...) الآية : أمر لمحمّد صلىاللهعليهوسلم أن يوبّخهم ، والمعنى : إن كان لكم نعيمها وحظوتها ، وخيرها ، فذلك يقتضي حرصكم على الوصول إليها ، (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) ، والدّار : اسم «كان» ، و «خالصة» : خبرها و (مِنْ دُونِ النَّاسِ) يحتمل أن يراد ب «النّاس» : محمّد صلىاللهعليهوسلم ، ومن تبعه ، ويحتمل أن يراد العموم ، وهذه آية بيّنة أعطاها الله رسوله محمّدا صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن اليهود قالت : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [المائدة : ١٨] ، وشبه ذلك من القول ، فأمر الله نبيّه أن يدعوهم إلى تمنّي الموت ، وأن يعلمهم أنه من تمنّاه منهم مات ، ففعل النبيّ صلىاللهعليهوسلم ذلك ، فعلموا صدقه ، فأحجموا عن تمنّيه فرقا من الله ؛ لقبح أفعالهم ومعرفتهم بكذبهم ، وحرصا منهم على الحياة ، وقيل : إن الله تعالى منعهم من التمنّي ، وقصرهم على الإمساك عنه ؛ لتظهر الآية لنبيّهصلىاللهعليهوسلم.
* ت* : قال عياض (١) : ومن الوجوه البيّنة في إعجاز القرآن آي وردت بتعجيز قوم في قضايا (٢) ، وإعلامهم أنهم لا يفعلونها ، فما فعلوا ولا قدروا على ذلك ؛ كقوله تعالى لليهود : (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً) (٣) (...) الآية : قال أبو إسحاق الزّجاج (٤) في هذه الآية : أعظم حجة ، وأظهر دلالة على صحّة الرسالة ؛ لأنه قال لهم : (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) وأعلمهم أنهم لن يتمنّوه أبدا ، فلم يتمنّه واحد منهم ، وعن النبيّ صلّى الله
__________________
(١) ينظر : «الشفا» (ص ٣٨٢ ـ ٣٨٣)
(٢) قضايا : جمع قضية ، وهي الحادثة الواقعة في حكم قضاء الله (تعالى) وقدره.
(٣) خالصة : خاصة بكم.
(٤) «معاني القرآن» (١ / ١٧٦)