اسمه مصعب بن الرّيّان ، وقال ابن إسحاق : اسمه الوليد بن مصعب ، وروي أنه كان من أهل إصطخر (١) ورد مصر ، فاتفق له فيها الملك ، وكان أصل كون بني إسرائيل بمصر نزول إسرائيل بها زمن ابنه يوسفعليهماالسلام.
و (يَسُومُونَكُمْ) : معناه : يأخذونكم به ، ويلزمونكم إياه ، والجملة في موضع نصب على الحال ، أي : سائمين / لكم سوء العذاب ، وسوء العذاب أشدّه وأصعبه ، وكان فرعون ١٩ ب على ما روي قد رأى في منامه نارا خرجت من بيت المقدس ، فأحرقت بيوت مصر ، فأولت له رؤياه ؛ أنّ مولودا من بني إسرائيل ينشأ ، فيخرب ملك فرعون على يديه ، وقال ابن إسحاق ، وابن عبّاس ، وغيرهما : إن الكهنة والمنجّمين قالوا لفرعون : قد أظلك زمان مولود من بني إسرائيل يخرب ملكك (٢).
و (يُذَبِّحُونَ) بدل من : «يسومون» ، (وَفِي ذلِكُمْ) : إشارة إلى جملة الأمر ، و (بَلاءٌ) معناه : امتحان واختبار ، ويكون البلاء في الخير والشر.
وحكى الطبريّ وغيره في كيفية نجاتهم أن موسى ـ عليهالسلام ـ أوحي إليه أن يسري من مصر ببني إسرائيل ، فأمرهم موسى أن يستعيروا الحليّ والمتاع من القبط (٣) ، وأحل الله ذلك لبني إسرائيل ، ويروى أنهم فعلوا ذلك دون رأي موسى ـ عليهالسلام ـ وهو الأشبه به ، فسرى بهم موسى من أول الليل ، فأعلم بهم فرعون ، فقال : لا يتبعهم أحد حتى تصيح الدّيكة ، فلم يصح تلك الليلة بمصر ديك ؛ حتى أصبح ، وأمات الله تلك الليلة كثيرا من أبناء القبط ، فاشتغلوا بالدّفن ، وخرجوا في الأتباع مشرّقين ، وذهب موسى عليهالسلام إلى ناحية البحر ؛ حتى بلغه ، وكانت عدة بني إسرائيل نيّفا على ستّمائة ألف ، وكانت عدّة فرعون ألف ألف ومائتي ألف ، وحكي غير هذا مما اختصرته لقلّة ثبوته ، فلما لحق فرعون موسى ، ظن بنو إسرائيل أنهم غير ناجين ، فقال يوشع بن نون لموسى : أين أمرت؟ فقال : هكذا ، وأشار إلى البحر ، فركض يوشع فرسه ؛ حتى بلغ الغمر (٤) ، ثم رجع ، فقال لموسى : أين أمرت؟ فو الله : ما كذبت ، ولا كذبت ، فأشار إلى البحر ، وأوحى الله تعالى
__________________
(١) إصطخر : بلدة بفارس ، يقال : إن كور «فارس» ، الخمسة ، أكبرها وأصلها كورة «إصطخر» ، ينظر : «مراصد الاطلاع» (١ / ٨٧)
(٢) أخرجه الطبري (١ / ٣١١) برقم (٨٩٣) ، وذكره السيوطي في «الدر» (١ / ١٣٣) ، وعزاه لابن جرير.
(٣) القبط : جيل بمصر. وقيل : هم أهل مصر. ينظر : «لسان العرب» (٣٥١٤) ، و «النهاية» (٤ / ٦)
(٤) غمر البحر : معظمه ، والغمر : الماء الكثير ، وقيل : الكثير المغرّق. ينظر : «لسان العرب» (٣٢٩٣ ، ٣٢٩٤)