إليه ؛ أن اضرب بعصاك البحر ، وأوحى الله إلى البحر ؛ أن انفرق لموسى إذا ضربك ، فبات البحر تلك الليلة يضطرب ، فحين أصبح ، ضرب موسى البحر ، وكناه أبا خالد ، فانفلق ، وكان ذلك في يوم عاشوراء.
(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠) وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢) وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)(٥٤)
وقوله تعالى : (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ ...) الآية : (فَرَقْنا) : معناه : جعلناه فرقا ، ومعنى (بِكُمُ) أي : بسببكم ، والبحر هو بحر القلزم (١) ولم يفرق البحر عرضا من ضفّة إلى ضفّة ، وإنما فرق من موضع إلى موضع آخر في ضفة واحدة ، وكان ذلك الفرق يقرّب موضع النجاة ، ولا يلحق في البر إلا في أيام كثيرة بسبب جبال وأوغار حائلة ، وقيل : انفرق البحر عرضا على أثني عشر طريقا ؛ طريق لكلّ سبط ، فلما دخلوها ، قالت كل طائفة : غرق أصحابنا ، وجزعوا ، فقال موسى ـ عليهالسلام ـ : اللهمّ ، أعنّي على أخلاقهم السّيئة ، فأوحى الله إليه أن أدر عصاك على البحر ، فأدارها ، فصار في الماء فتوح كالطّاق (٢) ، يرى بعضهم بعضا ، وجازوا وجبريل في ساقتهم على ماذيانة (٣) يحث بني إسرائيل ، ويقول لآل فرعون : مهلا حتّى يلحق آخركم أوّلكم ، فلما وصل فرعون إلى البحر ، أراد الدخول ، فنفر فرسه ، فتعرّض له جبريل بالرّمكة (٤) ، فأتبعها الفرس ، ودخل آل فرعون ، وميكائل يحثهم ، فلما لم يبق إلا ميكائل في ساقتهم على الضّفّة وحده ، انطبق البحر عليهم ، فغرقوا.
__________________
(١) بحر القلزم : شعبة من بحر الهند ، أوّله من بلاد البربر والسودان والحبش من جهة الجنوب ، ومن جهة الشمال «عدن» وبلاد العرب حتى يقطع آخره عند «القلزم» ، وهي مدينة صغيرة على أرض مصر.
ينظر : «مراصد الاطلاع» (١ / ١٦٦)
(٢) هو ما عطف وجعل كالقوس من الأبنية.
ينظر : «لسان العرب» (٢٧٢٥) ، و «المعجم الوسيط» (٥٧٧)
(٣) قيل : إن الماذيان هو النهر الكبير ، وهذه الكلمة ليست بعربية ، قال ابن الأثير : وهي سواديّة.
ينظر : «النهاية» (٤ / ٣١٣). ، «اللسان» (٤١٦٤) (حزن)
(٤) الرّمكة : الفرس والبرذونة التي تتخذ للنسل ، معرّب ، والجمع رمك.
ينظر : «لسان العرب» (١٧٣٣)