الظرف (١) ، و (لا تَجْزِي) : معناه : لا تغني ، وقال السّدّي : معناه : لا تقضي ؛ ويقوّيه قوله : (شَيْئاً) ، وفي الكلام حذف ، التقدير : لا تجزي فيه ، وفي مختصر الطبريّ : أي : واتقوا يوما لا تقضي نفس عن نفس شيئا ، ولا تغني غناء ، وأحدنا اليوم قد يقضي عن قريبه دينا ، وأما في الآخرة ، فيسر المرء أن يترتّب له على قريبه حقّ ؛ لأنّ القضاء هناك من الحسنات والسيئات ؛ كما أخبر النبيّ صلىاللهعليهوسلم. انتهى.
والشّفاعة : مأخوذة من الشّفع ، وهما الاثنان ؛ لأن الشافع والمشفوع له شفع ؛ وسبب هذه الآية أنّ بني إسرائيل قالوا : «نحن أبناء أنبياء الله ، وسيشفع لنا أبناؤنا» ، وهذا إنما هو في حق الكافرين ؛ للإجماع ، وتواتر الأحاديث بالشفاعة في المؤمنين.
وقوله تعالى : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) : قال أبو العالية : العدل : الفدية.
قال* ع (٢) * : عدل الشيء هو الذي يساويه قيمة وقدرا ، وإن لم يكن من جنسه ، والعدل ؛ بكسر العين : هو الذي يساوي الشيء من جنسه ، وفي جرمه ، والضمير في قوله : (وَلا هُمْ) عائد على الكافرين الذين اقتضتهم الآية ، ويحتمل أن يعود على النفسين المتقدّم ذكرهما ؛ لأن اثنين جمع ، أو لأن النفس للجنس ، وهو جمع ، وحصرت هذه الآية المعاني التي اعتادها بنو آدم في الدنيا ؛ فإن الواقع في شدة مع آدمي لا يتخلّص إلّا بأن يشفع له ، أو ينصر ، أو يفتدى.
* ت* : أو يمنّ عليه إلا أنّ الكافر ليس هو بأهل لأن يمنّ عليه.
(وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (٤٩)
وقوله تعالى : (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) : أي : خلّصناكم ، وآل : أصله أهل ؛ قلبت الهاء ألفا ؛ ولذلك ردّها التصغير إلى الأصل ، فقيل : أهيل ، وآل الرجل قرابته ، وشيعته ، وأتباعه ، وفرعون : اسم لكلّ من ملك من العمالقة بمصر ، وفرعون موسى ، قيل :
__________________
(١) ويكون المفعول حينئذ محذوفا ، وتقديره : واتقوا العذاب في يوم صفته كيت وكيت. وقد منع أبو البقاء كونه ظرفا ، قال : لأن الأمر بالتقوى لا يقع في يوم القيامة. والجواب عنه ـ كما يقول السمين الحلبي ـ : أن الأمر بالحذر من الأسباب المؤدية إلى العذاب في يوم القيامة.
ينظر : «الدر المصون» (١ / ٢١٤) ، «التبيان في إعراب القرآن» لأبي البقاء العكبري ، تحقيق علي محمد البجاوي ، دار الشام للتراث ، بيروت لبنان ، (١ / ٦٠)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ١٣٩)