وقيل : الرّعد ملك ، وهذا الصوت تسبيحه.
وقيل : الرعد : اسم الصوت المسموع ؛ قاله عليّ بن أبي طالب (١).
وأكثر العلماء على أن الرعد ملك ، وذلك صوته يسبّح ويزجر السحاب.
واختلفوا في البرق.
فقال علي بن أبي طالب ؛ وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «هو مخراق حديد بيد الملك يسوق به السّحاب» وهذا أصحّ ما روي فيه (٢).
وقال ابن عبّاس : هو سوط نور بيد الملك يزجي به السحاب (٣) ، وروي عنه : أنّ البرق ملك يتراءى (٤).
واختلف المتأوّلون في المقصد بهذا المثل ، وكيف تترتب أحوال المنافقين الموازنة لما في المثل من الظلمات والرعد والبرق والصواعق.
فقال جمهور المفسّرين : مثل الله تعالى القرآن بالصّيّب ، فما فيه من الإشكال عليهم والعمى هو الظلمات ، وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد ، وما فيه من النّور والحجج الباهرة هو البرق ، وتخوّفهم وروعهم وحذرهم هو جعل أصابعهم في آذانهم ، وفضح نفاقهم ، واشتهار كفرهم ، وتكاليف الشرع التي يكرهونها من الجهاد والزكاة ونحوه هي الصواعق ، وهذا كله صحيح بيّن.
وقال ابن مسعود : إن المنافقين في مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانوا يجعلون أصابعهم في آذانهم ؛ لئلا يسمعوا القرآن ، فضرب الله المثل لهم (٥) ، وهذا وفاق لقول الجمهور.
و (مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ) معناه : بعقابهم ، يقال : أحاط السلطان بفلان ، إذا أخذه أخذا حاصرا من كل جهة ، ومنه قوله تعالى : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) [الكهف : ٤٢].
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (١ / ٥٣) ، وابن عطية (١ / ١٠٢) ، والقرطبي (١ / ١٨٧)
(٢) أخرجه البيهقي في «سننه» (٣ / ٣٦٣) ، كتاب «صلاة الاستسقاء» ، باب ما جاء في الرعد ، عن علي موقوفا وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٩٦) ، وعزاه لابن أبي الدنيا في كتاب «المطر» ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي ، والخرائطي في «مكارم الأخلاق».
(٣) ذكره الماوردي في «التفسير» (١ / ٨٢) ، والبغوي (١ / ٥٣) ، والقرطبي (١ / ١٨٧)
(٤) ذكره ابن عطية الأندلسي (١ / ١٠٢) ، والقرطبي (١ / ١٨٨)
(٥) ذكره ابن عطية الأندلسي (١ / ١٠٣)