للمنافقين ، والإخبار بهذا هو عن حال لهم تكون في الآخرة ، وهو قوله تعالى : (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ ...) الآية [الحديد : ١٣] وهذا القول غير قويّ.
والأصم : الذي لا يسمع ، والأبكم : الذي لا ينطق ، ولا يفهم ، فإذا فهم ، فهو الأخرس ، وقيل : الأبكم والأخرس واحد ، ووصفهم بهذه الصفات ؛ إذ أعمالهم من الخطإ وعدم الإجابة ؛ كأعمال من هذه صفته.
و «صمّ» : رفع على خبر الابتداء ، إما على تقدير تكرير «أولئك» ، أو إضمارهم.
وقوله تعالى : (فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) قيل : معناه : لا يؤمنون بوجه ، وهذا إنما يصح أن لو كانت الآية في معيّنين ، وقيل : معناه : فهم لا يرجعون ما داموا على الحال التي وصفهم بها ، وهذا هو الصحيح.
(أَوْ كَصَيِّبٍ) : «أو» : للتخيير ، معناه مثّلوهم بهذا أو بهذا ، والصّيّب المطر ؛ من : ١١ ب صاب يصوب ، إذا / انحط من علو إلى سفل.
و (ظُلُماتٌ) : بالجمع : إشارة إلى ظلمة الليل وظلمة الدجن ، ومن حيث تتراكب وتتزيد جمعت ، وكون الدجن مظلما هول وغم للنفوس ؛ بخلاف السحاب والمطر ، إذا انجلى دجنه ، فإنه سارّ جميل.
واختلف العلماء في «الرّعد» ، فقال ابن عباس ومجاهد وشهر بن حوشب (١) وغيرهم : هو ملك يزجر السحاب بهذا الصوت المسموع كلّما خالفت سحابة ، صاح بها ، فإذا اشتد غضبه ، طارت النار من فيه ، فهي الصواعق ، واسم هذا الملك : الرّعد (٢).
__________________
ـ إحياء النار ..» وجعل هذا أبلغ من ذكر الجواب ، وجعل جملة قوله : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) مستأنفة أو بدلا من جملة التمثيل.
وقد رد عليه أبو حيان ـ كما ذكر السمين عنه ـ بوجهين : أحدهما : أن هذا تقدير مع وجود ما يغني عنه ، فلا حاجة إليه ؛ إذ التقديرات إنما تكون عند الضرورات. والثاني : أنه لا تبدل الجملة الفعلية من الجملة الاسمية.
ينظر : «الكشاف» (١ / ٧٣) ، و «البحر المحيط» (١ / ٢١٣) ، و «الدر المصون» (١ / ١٣٢)
(١) شهر بن حوشب الأشعري ، فقيه قارئ ، من رجال الحديث. شامي الأصل ، سكن «العراق» ، وكان يتزيّا بزي الجند ، ويسمع الغناء بالآلات. وولي بيت المال مدة ، وهو متروك الحديث. وكان ظريفا ، قال له رجل : إني أحبك ، فقال : ولم لا تحبني وأنا أخوك في كتاب الله ، ووزيرك على دين الله ، ومؤنتي على غيرك.
ينظر : «الأعلام» (٣ / ١٧٨) ، «تهذيب التهذيب» (٤ / ٣٦٩) ، و «التاج» (١ / ٢١٤)
(٢) ذكره ابن عطية (١ / ١٠٢) ، والبغوي في «تفسيره» (١ / ٥٣) ، والقرطبي (١ / ١٨٧)