ومنه قول الشاعر : [الكامل]
واعلم يقينا أنّ ملكك زائل |
|
واعلم بأنّ كما تدين تدان (١) |
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ) : نطق المؤمن به إقرار بالربوبية ، وتذلّل وتحقيق لعبادة الله ؛ وقدّم «إيّاك» على الفعل اهتماما ، وشأن العرب تقديم الأهمّ ، واختلف النحويّون في «إياك» (٢) ، فقال الخليل (٣) : «إيّا» : اسم مضمر أضيف إلى ما بعده ؛ للبيان لا للتعريف ، وحكى عن العرب : «إذا بلغ الرّجل السّتّين ، فإيّاه وإيّا الشّوابّ» ، وقال المبرّد : إيّا : اسم مبهم أضيف للتخصيص لا للتعريف ، وحكى ابن كيسان (٤) عن بعض الكوفيّين أنّ «إيّاك» بكماله اسم
__________________
(١) ينظر : «مجاز القرآن» (١ / ٢٣) ، «الكامل» (١ / ٤٢٦) ، «إعراب ثلاثين سورة» لابن خالويه (٢٤١) ، «الجمهرة» (٢ / ٣٠٦) ، «الخزانة» (٤ / ٢٣٠) ، «جمهرة الأمثال» للعسكري (١٦٩) ، «المخصص» (١٧ / ١٥٥) ، «تفسير الطبري» (١ / ١٥٥) ، «القرطبي» (١ / ١٠١) ، «الدر المصون» (١ / ٧٢) ، «اللسان والتاج» (دين).
(٢) اختلف النحويون في «ايا» هل هو من قبيل الأسماء الظاهرة أو المضمرة؟ فالجمهور على أنه مضمر ، وقال الزجاج : هو اسم ظاهر. وقال ابن درستويه. إنه بين الظاهر والمضمر. وقال الكوفيون : مجموع «ايا» ولواحقها هو الضمير. والقائلون بأنه ضمير اختلفوا فيه على أربعة أقوال :
أحدها : أنه كله ضمير.
والثاني : أن «ايا» وحده ضميره ، وما بعده اسم مضاف إليه يبين ما يراد به من تكلم ، وغيبة ، وخطاب.
والثالث : أن «ايا» عماد ، وما بعده هو الضمير ، وشذت إضافته إلى الظاهر في قولهم : «إذا بلغ الرجل الستين ، فإياه وايا الشواب» بإضافة «ايا» إلى الشواب. وهذا يؤيد قول من جعل الكاف والهاء والياء في محل جر إذا قلت : إياك ، إياه ، إياي.
ينظر : «الدر المصون» (١ / ٧٣) ، و «همع الهوامع» (١ / ٦١) ، و «الكتاب» (٢ / ٣٥٥) ، و «شرح الكافية» (٢ / ١٢) ، و «سر صناعة الإعراب» (١ / ٣١١) ، و «شرح المفصل» (٣ / ٩٨) ، و «الإنصاف» (٢ / ٦٩٥)
(٣) الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم ، الفراهيدي ، الأزدي ، اليحمدي ، أبو عبد الرحمن ، ولد سنة (١٠٠) ه. في البصرة. من أئمة اللغة والأدب ، وواضع علم العروض ، وهو أستاذ سيبويه النحوي ، عاش فقيرا صابرا. قال النضر بن شميل : ما رأى الراءون مثل الخليل ، ولا رأى الخليل مثل نفسه. فكر في ابتكار طريقة في الحساب تسهله على العامة ؛ فدخل المسجد وهو يعمل فكره ؛ فصدمته سارية وهو غافل ، فكانت سبب موته سنة (١٧٠) ه. ب «البصرة». من كتبه «العين» ، و «معاني الحروف» ، و «العروض» ، و «النغم».
ينظر : «وفيات الأعيان» (١ / ١٧٢) ، «إنباه الرواة» (١ / ٣٤١) ، «نزهة الجليس» (١ / ٨٠) ، «الأعلام» (٢ / ٣١٤)
(٤) محمد بن أحمد بن إبراهيم ، أبو الحسن المعروف ب «ابن كيسان» : عالم بالعربية من أهل «بغداد» ، أخذ عن المبرد وثعلب ، من كتبه «المهذب» في النحو ، «غريب الحديث» ، «معاني القرآن» ، «المختار في علل النحو» توفي من (٢٩٩) ه.
ينظر : «إرشاد الأريب» (٦ / ٢٨٠) ، «معجم المطبوعات» (٢٢٩). «نزهة الألباء» (٣٠١) ، «شذرات الذهب» (٢ / ٢٣٢) ، «كشف الظنون» (١٧٠٣) ، «مصابيح الكتاب» ، «الأعلام» (٥ / ٣٠٨)