قال : وهذا من حذف العرب ما يدلّ ظاهر الكلام عليه ، وهو كثير.
والرب ؛ في اللغة : المعبود ، والسيد المالك ، والقائم بالأمور المصلح لما يفسد منها ، فالرب على الإطلاق هو ربّ الأرباب على كل جهة ، وهو الله تعالى.
والعالمون : جمع عالم ، وهو كل موجود سوى الله تعالى ، يقال لجملته : عالم ، ولأجزائه من الإنس والجن وغير ذلك عالم ، عالم ، وبحسب ذلك يجمع على العالمين ، ومن حيث عالم الزمان متبدّل في زمان آخر ، حسن جمعها ، ولفظة العالم جمع لا واحد له من لفظه ، وهو مأخوذ من العلم والعلامة ؛ لأنه يدل على موجده ؛ كذا قال الزّجّاج (١) ، قال أبو حيّان (٢) : الألف واللام في العالمين للاستغراق ، وهو جمع سلامة ، مفرده عالم ، اسم جمع ، وقياسه ألا يجمع ، وشذّ جمعه أيضا جمع سلامة ؛ لأنه ليس بعلم ولا صفة.
* م* : وذهب ابن مالك (٣) في «شرح التّسهيل» إلى أن «عالمين» اسم جمع لمن يعقل ، وليس جمع عالم ؛ لأن العالم عامّ ، و «عالمين» خاصّ ، قلت : وفيه نظر. انتهى.
وقد تقدّم القول في الرحمن الرحيم.
(مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(٥)
(مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) : الدّين في كلام العرب على أنحاء ، وهو هنا الجزاء يوم الدين ، أي : يوم الجزاء على الأعمال والحساب بها ؛ قاله ابن عباس (٤) وغيره ؛ مدينين : محاسبين (٥) ، وحكى أهل اللغة : دنته بفعله دينا ؛ بفتح الدال ، ودينا ؛ بكسرها : جزيته ؛
__________________
(١) «معاني القرآن وإعرابه» لأبي إسحاق الزجاج (١ / ٤٦)
(٢) «البحر المحيط» (١ / ١٣٢) ، وينظر «المجيد» ص (٥٣)
(٣) محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجيّاني ، أبو عبد الله ، جمال الدين ، أحد الأئمة في علوم العربية. ولد في حيان ب «الأندلس» سنة ٦٠٠ ه. وانتقل إلى دمشق ، فتوفي فيها سنة (٦٧٢) ه. من كتبه : «الألفية» وهو أشهرها في النحو ، و «تسهيل الفوائد» في النحو أيضا ، وكذلك «الكافية الشافية» أرجوزة في نحو ثلاثة آلاف بيت ، و «إيجاز التعريف» في الصرف ، و «العروض».
ينظر : «الأعلام» (٦ / ٢٣٣) ، «بغية الوعاة» (٥٣) ، «آداب اللغة» (٣ / ١٤٠) ، و «طبقات السبكي» (٥ / ٢٨)
(٤) أخرجه ابن جرير (٩ / ٢٩٢) (٢٥٨٨٩) ، وذكره السيوطي في «الدر» (٥ / ٦٥) عن ابن عباس ، والقرطبي (١ / ١٢٥)
(٥) أخرجه ابن جرير (١٠ / ٤٩١) برقم (٢٩٣٨٣) ، عن قتادة ، و (١٠ / ٤٩١) رقم (٢٩٣٨٤) ، عن السدي.
وذكره السيوطي في «الدر» (٥ / ٥١٩) ، والقرطبي (١ / ١٢٥)