مضمر ، ولا يعرف اسم مضمر يتغيّر آخره غيره ، وحكي عن بعضهم أنه قال : الكاف والهاء والياء هو الاسم المضمر ، لكنها لا تقوم بأنفسها ، ولا تكون إلا متصلات ، فإذا تقدّمت الأفعال جعل «إيّا» عمادا لها ، فيقال : إيّاك ، وإيّاه ، وإيّاي ، فإذا تأخرت ، اتصلت بالأفعال ، واستغني عن «إيّا».
و (نَعْبُدُ) : معناه : نقيم الشرع والأوامر مع تذلّل واستكانة ، والطريق المذلّل يقال له معبّد ، وكذلك البعير.
و (نَسْتَعِينُ) ؛ معناه نطلب العون منك في جميع أمورنا ، وهذا كله تبرّ من الأصنام.
(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ)(٧)
وقوله تعالى : (اهْدِنَا) : رغبة ؛ لأنها من المربوب إلى الرب ، وهكذا صيغ الأمر كلها ، فإذا كانت من الأعلى ، فهي أمر.
والهداية ؛ في اللغة : الإرشاد ، لكنها تتصرف على وجوه يعبر عنها المفسّرون بغير لفظ الإرشاد وكلها إذا تأملت راجعة إلى الإرشاد ، فالهدى يجيء بمعنى خلق الإيمان في القلب ، ومنه قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٥] و (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [النور : ٤٦] ، و (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص : ٥٦](فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ) [الأنعام : ١٢٥] الآية ، قال أبو المعالي (١) : فهذه الآيات لا يتجه جلها إلا على خلق الإيمان في القلب ، وهو محض الإرشاد (٢).
٨ أوقد جاء الهدى بمعنى الدعاء ؛ كقوله تعالى : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) [الرعد : ٧] أي : داع / (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى : ٥٢].
__________________
(١) عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد ، العلامة إمام الحرمين ، أبو المعالي بن أبي محمد الجويني ، ولد سنة (٤١٩) ، وتفقه على والده ، وقعد للتدريس بعده ، وحصل أصول الدين وأصول الفقه على أبي القاسم الأسفراييني الإسكاف ، وصار إماما ، حضر درسه الأكابر ، وتفقه به جماعة من الأئمة. قال السمعاني : كان إمام الأئمة على الإطلاق ، ومن تصانيفه : النهاية والغياثي والإرشاد ، وغيرهما. مات سنة (٤٧٨).
انظر : «طبقات ابن قاضي شهبة» (١ / ٢٥٥) ، «طبقات السبكي» (٣ / ٢٤٩) ، «وفيات الأعيان» (٢ / ٣٤١) ، و «الأنساب» (٣ / ٤٣٠) ، «شذرات الذهب» (٣ / ٣٥٨) ، «النجوم الزاهرة» (٥ / ١٢١) ، و «معجم البلدان» (٢ / ١٩٣)
(٢) ينظر : ص ٤٨٦.