إلى ضلال أكثرهم عن الهدى الذي أراده لهم الله ورسوله ، ذلك الخلاف الذي حدث عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي اللحظات الأخيرة من عمره الشريف ، بين صحابته الحاضرين عنده في تلك الحال.
ومجمل القضية هو : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما حضرته الوفاة وعنده رجال من صحابته ـ فيهم عمر بن الخطاب ـ قال : هلم أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده ، وفي لفظ آخر : ائتوني بالكتف والدواة ـ أو : اللوح والدواة ـ أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا.
فقال عمر : إنّ النبي قد غلب عليه الوجع (١) ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله.
وفي لفظ آخر : فقالوا : إنّ رسول الله يحجر. ـ من دون تصريح باسم المعارض ـ!
فاختلف الحاضرون ، منهم من يقول : قرّبوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر!
فلما أكثروا ذلك عنده صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لهم : قوموا عنّي (٢).
ولسنا نحن الآن بصدد محاسبة هذا الرجل على كلامه هذا الذي غيّر مجرى التأريخ ، وحال دون ما أراده الله والرسول لهذه الامة من الخير والصلاح والرشاد ، إلى يوم القيامة ، حتى أنّ ابن عباس كان يقول :
__________________
(١) قال سيدنا شرف الدين : «وقد تصرّفوا فيه : فنقوله بالمعنى ، لأنّ لفظه الثابت : إنّ النبي يهجر. لكنهم ذكروا أنّه قال : إنّ النبي قد غلب عليه الوجع ، تهذيبا للعبارة ، واتقاء فظاعتها ...» النصّ والاجتهاد : ١٤٣.
(٢) راجع جميع الصحاح والمسانيد والتواريخ والسير وكتب الكلام ، تجد القضية باختلاف ألفاظها وأسانيدها.