حفظوه كاملا ، لكن كانت كتابته كاملة عند الجميع ، فهو مكتوب كلّه عند جميعهم ، وما ينقص من عند واحد يكمله ما عند الآخر ، إلّا إنّه كان متواترا كلّه عن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في عصره حفظا (١).
فعمد أبو بكر إلى جمعه ، إذ أمر ـ بعد يوم اليمامة ـ بجمع تلك الكتابات وجمع القرآن منها بتأليفه وتدوينه (٢).
ثمّ لمّا كثرت فيه القراءات ووقعت في لفظه الاختلافات جمع عثمان المصاحف من أصحابها ، وحمل الناس على قراءة واحدة من بينها ، وأعدم سائر المصاحف المخالفة لها.
دفع الشبهات
لكنّ استخلاص هذه النتائج من تلك الأحاديث ، ودفع الشبهات التي تلحق بالقرآن ، يتوقف على النظر في ما ورد في هذا الباب سندا ومتنا ، والجمع بينها بحمل بعضها على البعض بقدر الإمكان ، وهذا أمر لا بدّ منه ... فنقول :
أوّلا : لقد وردت عن بعض الصحابة أحاديث فيها حصر من جمع القرآن على عهد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في عدد معيّن ، اتّفق عبد الله بن عمرو وأنس بن مالك على أنّهم «أربعة» على اختلاف بينهم في بعض أشخاصهم ...
فعن عبد الله بن عمرو أنّهم : عبد الله بن مسعود ، سالم ، معاذ بن جبل ، ابيّ
__________________
(١) المعجزة الكبرى : ٢٨.
(٢) الاتقان ١ / ٦٢ ، مناهل العرفان ١ : ٢٤٢ ، إعجاز القرآن : ٢٣٦.