مقدّمات
لقد كان بحثنا حتى الآن يدور حول الأحاديث التي وردت في كتب الشيعة الإمامية ، وهي تفيد ـ بظاهرها ـ تحريف القرآن ، بمعنى نقصانه وضياع شيء ممّا نزل على النبي.
والآن يجدر بنا أن ننظر في الكتب التي أخرجت تلك الأحاديث فيها ، والعلماء الذين رووها ، لنرى مدى صحّة التمسّك بهذه الأحاديث من هذه الجهة.
وقبل الخوض في البحث يجب أن ننبّه على امور :
١ ـ الرواية أعم من الاعتقاد
الأوّل : إنّ رواية الخبر مطلقا أعمّ من قبوله والاعتقاد بمضمونه ، فقد عني محدّثو الشيعة منذ القرون الاولى بجمع الروايات الواصلة إليهم عن الأئمة ، وتبويبها وتنظيمها ، صونا لها من الضياع والنسيان وما شابه ذلك ، من غير نظر في متونها وأسانيدها ، ولذا تجد في روايات الواحد منهم ما يعارض ما رواه الآخر ، بل تجد ذلك في أخبار الكتابين بل الكتاب الواحد للمؤلّف الواحد ، وترى المحدّث يروي في كتابه الحديثي خبرا ينصّ على عدم قبول مضمونه في كتابه الفقهي أو الاعتقادي ، لذلك ، فالرواية أعمّ من القبول والتصديق بالمضمون.
فلا يجوز نسبة مطلب إلى راو أو محدّث بمجرد روايته أو نقله لخبر يدلّ على ذاك المطلب ، إلّا إذا نصّ على الاعتقاد به أو أورده في كتاب التزم بصحّة أخباره ،