البعض منهم إلى قيام إجماع الطائفة على ذلك ، ومجرد إعراضهم عن حديث يوجب سقوطه عن درجة الاعتبار ، كما تقرّر في علم اصول الفقه.
ونحن في هذا المقام نوضّح سبب إعراضهم عن أخبار التحريف وندلّل على صحته ونقول :
تعيين موضوع البحث
هناك في كتب الإمامية روايات ظاهرة في تحريف القرآن ، لكنّ دعوى كثرتها لا تخلو من نظر ، لأنّ الذي يمكن قبوله كثرة ما دلّ على التحريف بالمعنى الأعمّ (١) وقد جاء هذا في كلام الشيخ أبي جعفر الطوسي ، فإنّه ـ بعد أن استظهر عدم النقصان من الروايات ـ قال : «غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضع».
__________________
(١) يطلق لفظ التحريف ويراد منه عدّة معان على سبيل الاشتراك :
أ ـ نقل الشيء عن موضعه وتحويله إلى غيره.
ب ـ النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات مع حفظ القرآن وعدم ضياعه ، وإن لم يكن متميزا في الخارج عن غيره.
ج ـ النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين مع التحفّظ على نفس القرآن المنزل.
د ـ التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفّظ على القرآن المنزل.
ه ـ التحريف بالزيادة ، بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل.
و ـ التحريف بالنقيصة ، بمعنى أنّ المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن المنزل.
وموضوع بحثنا هو التحريف بالمعنى الأخير ، ونعني بالمعنى الأعمّ ما يعمّ جميع المعاني المذكورة.