فقام القوم فشهدوا إلّا ثلاثة منهم لم يقوموا فدعا عليهم فأصابتهم دعوته ، منهم أنس بن مالك .. إذ قال له الإمام : «يا أنس ، ما يمنعك أن تقوم فتشهد ولقد حضرتها؟ فقال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت ، فقال : اللهم إن كان كاذبا فارمه بيضاء لا تواريها العمامة ، فكان عليه البرص» (١).
ووجدناه كاذبا في قضية حديث الطائر .. فإنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ لمّا أتي إليه طائر مشوي ليأكل منه وقال : «اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطائر» كان يترقّب دخول علي ـ عليهالسلام ـ عليه ، وكان أنس كلّما جاء علي ليدخل ردّه قائلا : «إنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ على حاجة» حتى كانت المرة الأخيرة ، فرفع علي يده فوكز في صدر أنس ثمّ دخل .. فلما نظر إليه رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قام قائما فضمّه إليه وقال : ما أبطأ بك يا علي؟! قال : يا رسول الله ، قد جئت ثلاثا كل ذلك يردّني أنس ، قال أنس : فرأيت الغضب في وجه رسول الله وقال : يا أنس ، ما حملك على ردّه؟! قلت : يا رسول الله سمعتك تدعو ، فأحببت أن تكون الدعوة في الأنصار ، قال : «لست بأوّل رجل أحبّ قومه ، أبى الله يا أنس إلّا أن يكون ابن أبي طالب» (٢).
إنّه يكذب غير مرّة ، ويمنع أحبّ الناس إلى الله ورسوله من الدخول ،
__________________
(١) انظر : نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار / قسم حديث الغدير ، والغدير ١ : ـ ١٩١ ـ ١٩٥.
(٢) حديث الطير من الأحاديث المتواترة ، تجده في جلّ كتب الحديث والفضائل ، وله طرق كثيرة جدّا حتى أفرده بعضهم بالتأليف ... وكلّها تشتمل على صنيع أنس بن مالك ... وهذا الحديث أيضا من الأحاديث المبحوث عنها بالتفصيل في كتابنا (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار) في الجزءين : ١٣ ـ ١٤.