المجموع ، وأغرب من جميع ذلك تسوية الفرق بينهما للفرق بين آدم وعيسى ، وكأنّه أراد أنّ آدم مخلوق باليدين لقوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (١) وأنّ عيسى مخلوق بالكلمتين كقوله تعالى : (خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٢) وأراد أن المخلوق بالكلمتين أشرف من المخلوق باليدين ، لأنّ الأوّل روحانيّ من عالم الأمر ، والثاني جسمانيّ من عالم الخلق ، وضعفه واضح من وجوه ، سيّما مع ابتنائه على كون الضمير في آية التكوين لعيسى (عليهالسلام) وهو كما ترى.
ومن أسماء القرآن النور ، وهو الظاهر بنفسه المظهر لغيره ، ولذا ورد في أسمائه سبحانه بل عليه ظاهر قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣) وأطلق على النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في قوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ) (٤) على ما قيل ، وإن فسّر في أخبارنا بمولانا أمير المؤمنين (عليهالسلام) كما فسّر به قوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) (٥) وإن قيل : إنّ المراد به القرآن كما قيل : إنّه المراد به أيضا في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) (٦) فإنّ البرهان رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) والنّور هو القرآن ، ولا ينافيه تفسيره بمولانا أمير المؤمنين (عليهالسلام) ، وعلى الدين الحقّ في قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ
__________________
(١) ص : ٧٥.
(٢) آل عمران : ٥٩.
(٣) النور : ٣٥.
(٤) المائدة : ١٥.
(٥) الأعراف : ١٥٧.
(٦) النساء : ١٧٤.