أو لأنّه جرى عليه قلم القضاء في عالم التدوين مطابقا لما في التكوين من قوله (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) (١) أي قضى الله.
أو لأنّه نسخة من كتاب الله الذي هو اللوح الكلّي المشتمل على المحفوظ والمحو والإثبات والألواح الجزئيّة كما هو أحد الوجهين أو الوجوه في قوله : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ) (٢) وقوله : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ) (٣) الى غير ذلك من الوجوه الّتي لعلّ الأصل في الجميع هو الأوّل فلا تغفل.
ثمّ إنّك قد سمعت أنّ النسبة بين هذه الألقاب الشريفة وهي القرآن والفرقان والكتاب إنّما هو ببعض الاعتبارات المتقدّمة ولبعض الأعلام كلمات في المقام لا بأس بالتعرّض لها :
قال الصدر الأجلّ الشيرازي في عرشيته : «إنّ كلام الله عبارة عن إنشاء كلمات تامّات وإنزال آيات محكمات وأخر متشابهات في كسوة ألفاظ وعبارات ، والكلام قرآن وفرقان باعتبارين وهو غير الكتاب لأنّه من عالم الخلق (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) (٤) والكلام من عالم الأمر ومنزله القلوب والصدور لقوله : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) (٥) وقوله : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (٦) بالكتاب يدركه كلّ أحد (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً
__________________
(١) المجادلة : ٢١.
(٢) الجاثية : ٢٩.
(٣) التوبة : ٣٦.
(٤) العنكبوت : ٤٨.
(٥) الشعراء : ١٩٣.
(٦) العنكبوت : ٤٩.