وفي «المصباح المنير» قرأت أمّ الكتاب وبأمّ الكتاب يتعدّى بنفسه وبالباء قراءة وقرآنا استعمل القرآن اسما مثل الشكران والكفران ، وإذا أطلق انصرف شرعا الى المعنى القائم بالنفس ولغة الى الحروف المقطّعة لأنّها هي التي تقرء نحو كتبت القرآن ومسسته ، والفاعل قارئ والجمع قرأة وقرّاء وقارءون ، مثل كافر وكفرة وكفّار وكافرون.
وفي «مجمع البحرين» : القرآن اسم لكتاب الله تعالى خاصّة لا يسمّى به غيره ، وإنّما سمّي قرآنا لأنّه يجمع السور ويضمّها ، وقيل : لأنّه جمع القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد والآيات والسّور بعضها الى بعض ، وهو مصدر كالغفران والكفران ، يقال فلان يقرء قرآنا حسنا أي قراءة حسنة (١).
قلت : فقد اتّضح من هذا أنّه في الأصل مصدر ، بل قد ورد إطلاقه على المعنى المصدري أيضا كقوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (٢) ، أي جمعه وتلاوته ولو على لسان جبرئيل أو غيره من مبلّغي الوحي أو بخلق الأصوات والحروف أو إنّ علينا جمعه في صدرك وإثبات قراءته في لسانك (٣) ، فإذا قرأناه يعني بلسان جبرئيل أو بأحد الوجوه المتقدّمة فاتّبع قرآنه أي قراءته وتلاوته.
ثمّ إنّه غلب شرعا أو متشرّعا أو عرفا على هذا المعجز الباقي على مرّ الدّهور باعتبار شيء من الوجوه الآتية الّتي منها كونه متلوّا أو مجمعا للسور أو الآيات أو الكلمات أو الحروف ، ولذا يصدق على كلّ آية وسورة بل على كلّ كلمة متميّزة
__________________
(١) مجمع البحرين ص ٦٧.
(٢) القيامة : ١٧ ـ ١٨.
(٣) مجمع البحرين ص ٦٧.