أو انّه إدراك جازم ، أو أنّه نور شعشعاني يتجلّى به الأشياء ، أو انّه كشف الحجب الغاسقة الّتي على النفس الإنسانيّة ، أو انّه اتّحاد القوى الدرّاكة بالمعلوم ، أو أنّه ما لا يعلم الشيء إلّا به ، أو أنّه الواسطة بين العالم والمعلوم ، أو أنّه انطباع صورة الأشياء في مرايا النفوس ، الى غير ذلك من التعاريف الكثيرة الّتي ليس في التعرض لها فضلا عن المناقشة فيها ودفع ما ربما يورد أو يرد عليها شيء من الفائدة بعد وضوح كون أمثال هذه المباحث فاقدة الفائدة ، سيمّا بعد حصول معرفة إجماليّة مقنعة إن لم تكن أوّلا بالتأمّل في كلّ من هذه التعاريف فضلا عن جميعها مع أنّ كثيرا من مباحثهم في المقام مناقشات لفظيّة لا تسمن ولا تغني من جوع كما يظهر بالرجوع. بل وكذا حال مناقشاتهم المعنويّة الّتي منها الإيراد على تعريفه بالصورة الحاصلة في النفس المطابقة للمعلوم كما هو الموروث من الحكماء في تعريفه بلزوم اجتماع الضدّين فيها عند تصوّرها لهما وكون النّفس عند تصوّرها الحرارة والبياض والاستقامة والوحدة حارّة مبيّضة مستقيمة وكذا أضدادها بل وغيرها.
وبأنّا نتصوّر الأجسام الجسيمة العظيمة كالجبال والبراري والبحار والبلاد بل الكواكب والأفلاك العظيمة على الوجه الجزئي المانع من الشركة فوجب أن يحصل تلك الأمور في القوى النفسانيّة الّتي ليست جسما ولا جسمانيّا ، وفي القوى الخياليّة الّتي لا حظّ لها من المقدار طبعا وانطباعا فضلا عن مثل هذه المقادير العظيمة.
وبأنّ جوهريّة الجوهر ذاتيّة فكيف تفارقه بحصوله في الذهن بل وكذا غيرها من المقولات المتباينة الذوات الّتي ترجع جميعها عند العلم بها الى قسم من الكيف.
وهم قد أجابوا عن الأوّل بأنّ المحال اجتماع المتناقضين بحسب الوجود