وقوله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) وقد تقدم ما قيل في ذلك هل هي قاصرة للحكم إلى الغاية كما قاله الأكثر ، أو هو مسكوت عما بعد إلى ، كما قاله أبو رشيد ، وأصحاب أبي حنيفة ، فلا دلالة على نفي الحكم فيما يعدها ، أو يفرق بين أن يحد بشيء معلوم (١) فلا يدخل ما بعدها ، أو شيء مجهول فيدخل ما بعدها ، كما قاله الرازي ، وقيل : إن كان ما بعدها من جنس ما قبلها دخل نحو : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) وإن كان من غير جنسه لم يدخل نحو : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) فلما كانت إلى هذه مترددة اختلفوا.
قال صاحب النهاية : وقول من لم يدخل المرفقين من جهة الدلالة اللفظية أرجح ، وقول من أدخلهما من جهة الأثر أبين ؛ لأن في حديث مسلم مما رواه أبو هريرة (أنه غسل يده اليمنى حتى أشرع (٢) في العضد ثم اليسرى كذلك ، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع إلى الساق ثم اليسرى كذلك).
احتج أهل المذهب بحديث جابر أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يدير الماء على مرفقيه.
قالوا : ودلالة الآية مجملة ، وهذا بيان للمجمل ، وبيان المجمل الواجب يكون واجبا.
المسألة الثانية
أن السنة في البداية في غسل اليدين يكون من الأصابع ، ويتم بالمرافق.
__________________
(١) ك (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) وقوله : أو مجهول. كما في المرافق. مقدمة هذا الكتاب ، وحينئذ لا فرق بين هذا القول والقول الثاني بعده.
(٢) قوله : حتى (أشرع في العضد) أي : أدخله في الغسل ، وأصل الماء إليه. نهاية.