اختلف المفسرون في المراد :
فعن أبي علي : أن المعنى وما كان المؤمنون لينفروا عن أوطانهم للتفقه ، بل المشروع أن تنفر فرقة للتفقه ، ثم ترجع لإنذار من بقي في بيته. فالمتفقهة : هي المنذرة ، ورجحه الحاكم ، فيكون النفير : لطلب العلم.
فتدل الآية على وجوب التفقه ، ووجوب نشر العلم ، وجواز قبول خبر الآحاد.
وقيل المعنى : وما كان المؤمنون لينفروا إلى الجهاد كافة بل يبقى البعض للتفقه ، وإنذار قومهم وهم الغزاة ، وهذا مروي عن قتادة.
قوله تعالى
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً).
في هذه الآية أقوال للمفسرين :
الأول : قول الحسن والأصم ، أنها نزلت قبل أن يؤمر بقتال المشركين كافة.
قال الحاكم : ولا وجه لهذا ؛ لأن تلك الآية بيان للقتال ، وهذه لكيفيته ، فلا منافاة بينهما ، ولا نسخ فيه.
وقيل : كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يجاوز الأقرب تجلدا ، ويرى عدم المبالاة به.
قال الحاكم : ولا وجه له لأنه كان يخرج بأمر الله تعالى.
القول الثالث : الذي عليه أكثر المفسرين ، وابن عباس وأبو علي ، وصححه الحاكم أن هذا تعليم بكيفية الجهاد ، وأنه يجب البداية بالأقرب.
فيظهر من ثمرات الآية حكمان :
الأول : أنه يجب البداية بقتال الأقرب دارا أو نسبا ، لهذا قال تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) وإنما وجب البداية بالأقرب ؛ لأن في التعرض