وقيل : أراد نهيهم عن الحج والعمرة ، ولهذا قال تعالى : (بَعْدَ عامِهِمْ هذا) وذلك سنة تسع ، ويدل على هذا أن عليا عليهالسلام نادى بسورة براءة ، قال : ألا لا يحج بعد هذا العام مشرك.
وفي هذا دلالة على أن حج الكافر لا يصح.
وقد قال أهل المذهب : ومن حج ودينه دين العامة باعتقاد التشبيه والجبر لم يصح حجه.
وقيل : أراد أنه لا يتولى المشركون على المسجد الحرام ، ويتعلقون بمصالحه.
وهاهنا بحث وهو أن يقال : إذا دخل كافر مسجدا من المساجد هل يجب على الهدوي منعه وإخراجه ؛ لأن مذهبه أنا مأمورون بذلك أو لا يجب عليه؟ ولا يجوز له ؛ لأن المسألة خلافية ، وقد أجاز ذلك المؤيد بالله ، وأبو حنيفة ، وأصحابه ، ولعل المنع أظهر لما تقدم أن النهي لهم نهي للمسلمين عن تمكينهم ، وأمر لهم بمنعهم.
الحكم الثالث
يتعلق بقوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)
وسبب نزولها أن المشركين كانوا يتجرون في مكة ويجلبون إليها الطعام ، فلما منعوا شق ذلك على المسلمين وخشوا انقطاع المتاجر فنزلت.
وفي ذلك دلالة على أنه لا يترك الواجب بتقاصر أحوال الدنيا ، وأنه ينبغي الترغيب والتسهيل على احتمال المشقة بالمنافع الصالحة في الدنيا ، ولهذا وعد تعالى بأن الله سيغنيهم.
وذكر بعضهم أن منعهم عن الحج منسوخ بقوله تعالى في سورة المائدة : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ).
قال الأصم : ليس كذلك ؛ لأنه لم يكن خروج المشركين إلى الحج بأمر الله ، فنسخه.