وعن عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول على المنبر : «ألا إن القوة هي الرمي قالها ثلاثا» ومات عقبة عن سبعين قوسا في سبيل الله.
قال الحاكم : وفي ذلك دلالة على جواز السّبق (١) والرمي ؛ لأنه من قوة الجهاد ؛ لأن وجود السلاح لا يكفي ، بل لا بد من العلم بكيفية استعماله ، ونعني : بالجواز أنه مشروع ، وتفصيله في كتب الفقه ، وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بين الغرضين روضة من رياض الجنة».
وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر في الجنة ، صانعه يحتسب في صنعته الخير ، والرامي به ، ومنبّله (٢) ، فارموا واركبوا ، وإن ترموا أحبّ إليّ من أن تركبوا».
وحكم استعداد ما ذكر تابع لحكم الجهاد ، قد يكون متعينا ، وفرض كفاية ، وسنة.
ويتعلق بهذا تنبيه : وهو أن يقال : إذا حصل الإرهاب بغير عدة الحرب ، هل شرع ذلك؟ وهذا كتفضيض السروج وتذهيبها؟ ولباس الحرير ، وتسويد الشيب ، واتخاذ الطبول ، والرايات ، ونحوها من الأعلام والمراوح ، أم لا؟
قلنا : المفهوم من كلام أهل المذهب جواز ذلك ، وقد حكي عن المرتضى في بعض كتبه جواز صيد النسور ؛ ليجعل ريشها مراشا للنبال ؛ لأن في ذلك عدة للجهاد ، وقد جوز أهل المذهب ، والشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد ـ لباس الحرير للمحارب ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم رخص في ذلك لطلحة بن عبيد الله ، وروي ذلك عن الزبير.
__________________
(١) السبق ـ بسكون الباء الفعل ، وبفتحها ما يؤخذ من المال عليه. (ح / ص).
(٢) المنبل : هو الذي يعطي السهم ويناول الرامي ، أشار إلى معناه في النهاية ، يقال : نبّلت الرجل بالتشديد إذا ناولته النبل ليرمي به ، وأنبلته. نهاية.